للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) يعني بني إسرائيل. فهذا وجه «١» . ويَجوز أن يكون هَذَا من قَوْل الله. وَهُمْ لا يشعرون بأن موسى هُوَ الَّذِي يسلبهم مُلكهم.

وقوله: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [١٠] قد فَرَغَ لهمّه، فليس يَخلط هَمّ موسى شىء وقوله (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) يعني باسم موسى أَنَّهُ ابنُها وَذَلِكَ أن صدرها ضاقَ بقول آل فرعون: هُوَ ابن فرعون، فكادت تُبدي [بِهِ] أي تظهره. وَفِي قراءة عبد الله (إِنْ كادت لَتُشعِرُ بِهِ) وَحَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي يَحْيَى بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَرَأَ (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَزِعًا «٢» ) مِنَ الْفَزَعِ.

وقوله: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ [١١] قصّى أثره. (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) . يقول: كانت على شاطىء البحر حَتَّى رأت آل فرعون قد التقطوه. وقوله (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) يعني آل فرعون لا يشعرون بأخته.

وقوله: وحرّمنا عليه المراضع يقول: منعناه من قبول ثدى إلّا ثدى أُمّه.

وقوله: وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ [١٥] وإنّما قَالَ (عَلَى) ولم يقل: ودخل المدينة حين غفلة، وأنت تَقُولُ: دخلت المدينة حين غفل أهلها، ولا تَقُولُ: دخلتها عَلَى حين غفل أهلها. وَذَلِكَ أن الغفلة كانت تُجزئ من الحين، ألا ترى أنك تَقُولُ: دخلت عَلَى غفلة وجئتُ عَلَى غفلة، فلما كَانَ (حين) كالفضل فِي الكلام، والمعنى: فِي غفلة أدخلت فِيهِ (عَلَى) ولو لَمْ تكن كانَ صوابًا. ومثله قول الله (عَلى فَتْرَةٍ «٣» مِنَ الرُّسُلِ) ولو كَانَ عَلَى حين فترة من الرسل لكان بمنزلة هَذَا. ومثله قوله العجير:

..... ومن يكن ... فتى عامَ عام الماءِ فَهْو كبير «٤»


(١) ا، ب: «وجهه»
(٢) في الطبري: «فازعا»
(٣) الآية ١٩ سورة المائدة
(٤) البيت بتمامه- كما فى اللسان-:
رأتنى تحادبت الغداة ومن يكن ... فتى عامَ عام الماءِ فَهْو كبير