للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الفراء: (وَمَنْ يُشوِه) أي يأخذ شَوَاه وأطايبه. فخفض الغشوم لأنه مدح، ولو نصب لأن لفظه نكرة ولفظ الَّذِي هُوَ نعت لَهُ معرفة كَانَ صوابًا كما قالوا: هَذَا مِثْلك قائِمًا، ومثلك جَميلًا.

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ [٥٧] رفعت الحميم والغسّاق بِهذا مقدّمًا ومؤخرًا.

والمعنى هَذَا حميم وغسَّاق فليذوقوه. وإن شئت جعلته مستأنفًا، وجعلت الكلام قبله مكتفيًا كأنك قلت: هذا فليذوقوه، ثُمَّ قلت: منه حميم ومنه غسّاق كقول الشاعر:

حَتَّى إِذَا ما أضاءَ الصُّبْحُ فِي غَلَسٍ ... وغودر البقلُ مَلْوِيّ ومحصودُ

ويكون (هَذَا) فِي موضع رفعٍ، وموضع نصبٍ. فمن نصب أضمرَ قبلها ناصِبًا كقول الشاعر «١» :

زيادتنا نُعمان لا تَحْرِمَنَّها ... تَقِ الله فينا والكتابَ الَّذِي تتلو

ومن رفع رفع بالهاء التي فِي قوله: (فَلْيَذُوقُوهُ) كما تَقُولُ فِي الكلام: اللَّيْلَ فبادرُوه واللَّيْلُ.

والغساق تشدّد سينُه وتُخفف «٢» شددها يَحْيَى بن وثاب وعامّة أصحاب عبد الله، وخففها الناس بَعْدُ. وذكروا أن الغساق بارد يُحرق كإحراق الحميم «٣» . ويُقال: إنه ما يَغْسِق ويسيل من صديدهم وجلودهم.

وقوله: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [٥٨] قرأ الناس (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ) إلّا مجاهدا «٤» فإنه قرأ


(١) هو عبد الله بن همام السلولي. وانظر اللسان (وفى) .
(٢) وهى قراءة حفص وحمزة والكسائي وخلف.
(٣) هو الحار.
(٤) وهى قراءة أبى عمرو ويعقوب.