للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ (١٤) ثُمَّ جزمَ ثلاثة أفاعيل بعده يَجوز فِي كلهن النصب والجزم والرفع.

ورفع قوله: وَيَتُوبُ اللَّهُ لأن معناهُ لَيْسَ من شروط الجزاء إنّما هو استئناف كقولك للرجل: ايتني أُعطك، وأُحِبُّك بعد، وأُكْرِمُكَ، استئناف لَيْسَ بشرط للجزاء. ومثله قَوْل الله تبارك وتعالى: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «١» تمّ الجزاء هاهنا، ثُمَّ استأنفَ فقال: وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ.

وقوله: أَمْ حَسِبْتُمْ (١٦) من الاستفهام الَّذِي يتوسّط فِي الكلام فيجعل ب (أَمْ) ليفرق بينه وبين الاستفهام المبتدأ الَّذِي لَمْ يتّصل بكلام. ولو أريد بِهِ الابتداء لكان إِمّا بالألف وإِمّا ب (هَلْ) كقوله: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ «٢» وأشباهه.

وقوله: وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً والوليجة: البطانة من المشركين يتخذونهم فيُفْشون إليهم أسرارهم، ويعلمونهم أمورهم. فنهوا عَن ذَلِكَ.

وقوله: مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ (١٧) وهو يعني المسجد الحرام وحده. وقرأها مُجاهد «٣» وعطاء بن أبي رَبَاح:

(مَسْجِد الله) . وربما ذهبت العرب بالواحد إلى الجمع، وبالجمع إلى الواحد ألا ترى الرجلَ عَلَى البِرذَون فتقول: قد أخذتَ فِي ركوب البراذين، وترى الرجل كثير الدراهم


(١) آية ٢٤ سورة الشورى. وقد رسم «يمح» دون واو فى المصحف مع نيتها، وقد دل على هذا قوله: «ويحق» بالرفع.
(٢) أوّل سورة الإنسان. [.....]
(٣) وقرأها كذلك أيضا ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب.