للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إتباعه «١» المحسن والنصب أن تتوهم أنك قلت: ما أنت مُحسنًا. وأنشدني بعضُ العرب:

ولستُ بذي نَيْرب فِي الصديق ... ومنَّاعَ خَيْرٍ وسبّابهَا

ولا من إِذَا كَانَ فِي جانِب ... أضاعَ العشيرة واغتابها «٢»

وأنشدني أَبُو القمقام:

أَجِدُّكَ لستَ الدهر رائي رامةٍ ... ولا عاقِلٍ إلا وأنت جَنيب

ولا مصعد فِي الْمُصْعِدينَ لَمنعِجٍ ... ولا هابطًا ما عشت هَضْب شَطِيب «٣»

ويُنشد هَذَا البيت:

مُعَاوِيَ إننا بَشَرٌ فَأسْجحْ ... فلسنا بالجبالِ ولا الحديدَا «٤»

ويُنشد (الحديدا) خفضًا ونصبًا. وأكثر ما سمعته بالخفض. ويكون نصب المستأنسين عَلَى فعلٍ مُضمر، كأنه قَالَ: فادخلوا غير مستأنسين. ويكون مع الواو ضميرُ دخولٍ كما تَقُولُ: قم ومطيعًا لأبيكَ.

والمعنى فِي تفسير الآية أنّ المسلمين كانوا يدخلونَ عَلَى النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي وقت الْغَدَاء، فإذا طعِمُوا أطالوا الجلوس، وسَألوا أزواجه الحوائج. فاشتد ذَلِكَ عَلَى النبىّ صلى الله عليه وسلم، حتّى


(١) ا: «إتباعها» .
(٢) البيتان لعدى بن خزاعى كما فى اللسان (ترب) . وفى ا: «فلست» والنيرب: الشر والنميمة. والهاء فى (سبابها) للعشيرة. وفى اللسان عن ابن برى أن صواب إنشاده:
ولست بذي نيرب فى الكلام ... ومناع قومى وسبابها
ولا من إذا كان فى معشر ... أضاع العشيرة واغتابها
ولكن أطاوع ساداتها ... ولا أعلم الناس ألقابها
(٣) رامة وعاقل ومنعج وشطيب مواضع فى بلاد العرب. و (جنيب) من معانيه الأسير.
(٤) هو لعقيبة الأسدى كما فى كتاب سيبويه ١/ ٣٤. وأورد سيبويه بعده بيتا على النصب وهو:
أديروها بنى حرب عليكم ... ولا ترموا بها الغرض البعيدا
وأورد الأعلم أن هناك رواية بالخفض وأن بعد البيت:
أكلتم أرضنا فجرزتموها ... فهل من قائم أو من حصيد