للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى [٣٧] قبل هَذِه. وهو ما لطف لَهُ إذ وقع إلى فرعون فحببّه إليهم حَتَّى غَذَوه. فتلك المنَّة الأخرى (مع هَذِه الآية) .

وقد فسَّره إذ قَالَ: إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ مَا يُوحى [٣٨] أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فى اليمّ ثم قال: (فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ) هُوَ جزاء أخرج «١» مُخرج الأمر كَانَ البحر أُمر. وهو مثل قوله:

(اتَّبِعُوا «٢» سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ) المعنى. والله أعلم: اتبعُوا سبيلنا نَحمل عنكم خطاياكم. وكذلك وعدها الله: ألقيه فِي البحر يُلْقِه اليمّ بالساحل. فذكر أن البحر ألقاهُ إلى مشرَعة «٣» آل فرعون، فاحتمله جواريه إلى امرأته.

وقوله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) حُبِّبَ إِليّ (كلّ «٤» من رآه) .

وقوله: (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي [٣٩] إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ) [٤٠] ذكر المشي وحده، ولم يذكر أنها مشت حَتَّى دخلت عَلَى آل فرعون فدلتهم عَلَى الظِّئر وهذا فِي التنزيل كَثِير مثله قوله:

(أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ) ولم يقل فأرسل فدَخَل فقال يوسف. وهو من كلام العرب: أن تجتزىء (بحذف «٥» كَثِير) من الكلام وبقليله إذا كَانَ المعنى معروفا.

وقوله: (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) ابتليناكَ بالغم: غمّ القتل ابتلاء.

وقوله (عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) يريدُ عَلَى ما أراد الله من تكليمه.

وقوله: وَلا تَنِيا [٤٢] يريد: ولا تَضعُفا ولا تفتُرا عَن ذكري وفى ذكرى سواء.


(١) ا: «خرج» .
(٢) الآية ١٢ سورة العنكبوت.
(٣) المشرعة: الموضع من النهر يكون موردا للشاربة.
(٤) ش: «من كان يراه» .
(٥) ش: «بالحذف» .