للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً [١٧] (إنّما) فِي هَذَا الموضع حرف واحد، وليست على معنى (الذي) (وتخلقون إفكا) مردودة عَلَى (إنما) كقولك: إنما تفعلونَ كذا، وإنما تفعلون كذا. وقد اجتمعوا عَلَى تخفيف (تَخْلُقُونَ) إِلا أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ فإنه قَرَأَ (وتَخَلّقُونَ إِفْكا) ينصب التاء ويُشدد اللام وهما فى المعنى سواء.

وقوله: النَّشْأَةَ [٢٠] القراء مجتمعونَ عَلَى جزم الشِّين وقصرها، إلا الْحَسَن «١» الْبَصْرِيّ فإنه مدها فِي كل القرآن فقال (النشَاءَة) ومثلها مما تقوله العرب الرأفة، والرآفة، والكَأبة والكآبة كلٌّ صواب.

وقوله: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ [٢٢] يقول: القائل: وكيف وصفهم أنهم لا يعجزون فِي الأرض ولا فِي السماء، وليسوا من أهل السماء؟ فالمعنى- والله أعلم- ما أنتم بِمعجزين فِي الأرض ولا من فِي السماء بِمعجزٍ. وهو من غامض العربية للضمير الَّذِي لَمْ يظهر فِي الثاني.

ومثله قول حسان:

أمَن يهجو رسول الله منكم ... ويَمدحُهُ وينصرهُ سَوَاءُ «٢»

أراد: ومن ينصره ويَمدحه فأضمر (مَنْ) وقد يقع فِي وَهْم السَّامِعِ أن المدح والنصر لمن هَذِه الظاهرة. ومثله فِي الكلام: أكرِم مَن أتاكَ وأتى أباك، وأكرم مَن أتاك ولم يأت زيدًا، تريد:

ومن لَمْ يأتِ زيدًا.

وقوله: وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ [٢٥] نصبها حَمْزَةُ «٣» وأضافها ونصبها عَاصِم «٤» وأهل المدينة، ونوَّنوا فيها (أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) ورفع ناسٌ منهم الْكِسَائي بإضافة. وقرأ الْحَسَن (مَوَدّةٌ بَيْنَكُمْ) يرفع ولا يضيف. وهي فِي قراءة أُبَيّ (إنّما مودّة بينهم فى الحياة الدّنيا)


(١) وكذا قرأ بالمد ابن كثير وأبو عمر، وافقهما ابن محيصن واليزيدي.
(٢) ش: ب «فمن» فى مكان» أمن» .
(٣) وكذا حفص عن عاصم، ورسح عن يعقوب.
(٤) أي فى رواية أبى بكر.