للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريف قتلى، فأقسم الشريف ليقتلن الذكر بالأنثى والحر بالعبد وأن يضاعفوا الجراحات، فأنزل اللَّه تبارك وتعالى هذا على نبيه، ثُمَّ نسخه قوله «وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» «١» إلى آخر الآية. فالأولى منسوخة لا يحكم بها «٢» .

وأما قوله: فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ فإنه رفع. وهو بمنزلة الأمر فِي الظاهر كما تقول: من لقي العدو فصبرا واحتسابا. فهذا نصب ورفعه جائز. وقوله تبارك وتعالى «فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ» رفع ونصبه جائز. وإنما كان الرفع فِيهِ وجه الكلام لأنها عامة فيمن فعل ويراد بها من لم يفعل. فكأنه قال: فالأمر فيها على هذا، فيرفع. وينصب الفعل إذا كان أمرا عند الشيء يقع ليس بدائم مثل قولك للرجل: إذا أخذت فِي عملك فجدا جدا وسيرا سيرا.

نصبت لأنك لم تنوبه العموم فيصير كالشيء الواجب على من أتاه وفعله ومثله قوله: «وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» «٣» ومثله «فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ» «٤» ومثله فِي القرآن كثير، رفع كله لأنها عامة.

فكأنه قال: من فعل هذا فعليه هذا.

وأمّا قوله: «فَضَرْبَ الرِّقابِ» «٥» فإنه حثهم على القتل إذا لقوا العدو ولم يكن الحث كالشيء الَّذِي يجب بفعلٍ قبله فلذلك نصب، وهو بمنزلة قولك:

إذا لقيتم العدوّ فتهليلا وتكبيرا وصدقا عند تلك الوقعة (- قال الفراء:

ذلك وتلك لغة قريشٍ، وتميم تقول ذاك وتيك الوقعة «٦» -) كأنه حث لهم، وليس بالمفروض عليهم أن يكبروا، وليس شيء من هذا إلا نصبه جائز


(١) آية ٤٥ سورة المائدة.
(٢) هذا قول أهل العراق. وجمهور الفقهاء يرون أن الآية محكمة، وأن آية المائدة تبينها، أو هى فى شريعة التوراة، وانظر القرطبي ٢/ ٢٤٦
(٣) آية ٩٥ سورة المائدة. [.....]
(٤) آية ٢٢٩ سورة البقرة.
(٥) آية ٤ سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(٦) ما بين الخطين زيادة فى ج وش.