للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعتبار قول عَبْد اللَّه [كان] «١» جائزا كما تقول للرجل: تخاف لأنك خبيث، وبأنك، وعلى أنك....

وقوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما يقال كيف قال:

فلا جناح عليهما، وإنما الجناح- فيما يذهب إليه الناس- على الزوج لأنه أخذ ما أعطى؟

ففي ذلك وجهان:

أن يراد الزوج دون المرأة، وإن كانا قد ذكرا جميعا فى «٢» سورة الرحمن «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ» «٣» وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح لا من العذب. ومنه «نَسِيا حُوتَهُما» «٤» وإنما الناسي صاحب مُوسَى وحده. ومثله فِي الكلام أن تقول: عندي دابتان أركبهما وأستقي عليهما، وإنما يركب إحداهما ويستقى على الأخرى وقد يمكن أن يكونا جميعا تركبان ويستقى عليهما. وهذا من سعة العربية التي يحتج بسعتها. ومثله من كتاب اللَّه «وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» «٥» فيستقيم فِي الكلام أن تقول: قد جعل اللَّه لنا ليلا ونهارا نتعيش فيهما وننام فيهما. وإن شئت ذهبت بالنوم إلى الليل وبالتعيش إلى النهار.

والوجه الآخر أن يشتركا جميعا فِي ألا يكون عليهما جناح إذ كانت تعطي ما قد نفى عن الزوج فِيهِ الإثم، أشركت فِيهِ لأنها إذا أعطت ما يطرح فيه المأثم احتاجت هِيَ إلى مثل ذلك. ومثله قول اللَّه تبارك وتعالى: «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ» «٦» وإنما موضع طرح الإثم فِي المتعجل، فجعل


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) هذا استئناف كلام لذكر نظير لما سلف. وفى الطبري:
«كما قال فى سورة ... » .
(٣) آية ٢٢ سورة الرحمن.
(٤) آية ٦١ سورة الكهف.
(٥) آية ٧٣ سورة القصص.
(٦) آية ٢٠٣ سورة البقرة.