للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخفض. وجاز أن تعمل الفعل فترفع به «١» النكرة، فتقول: كم رَجُل كريم قد أتاني، ترفعه بفعله، وتعمل فِيهِ الفعل إن كان واقعا عليه فتقول: كم جيشا جرارا قد هزمت، نصبته بهزمت. وأنشدوا قول الشاعر:

كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت على عشارى «٢»

رفعا ونصبا وخفضا، فمن نصب قال: كان أصل كم الاستفهام، وما بعدها من النكرة مفسر كتفسير العدد، فتركناها فِي الخبر على جهتها وما كانت عليه فِي الاستفهام فنصبنا «٣» ما بعد (كم) من النكرات كما تقول: عندي كذا وكذا درهما، ومن خفض قال: طالت صحبة من للنكرة فِي كم، فلما حذفناها أعملنا إرادتها «٤» ، فخفضنا «٥» كما قَالَتِ العرب إذا قيل لاحدهم: كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ عافاك اللَّه، فخفض، يريد: بخير. وأمّا من رفع فأعمل الفعل الآخر، [و] «٦» نوى تقديم الفعل كأنه قال: كم قد أتاني رجل كريم. وقال امرؤ القيس:

تبوص وكم من دونها من مفازةٍ ... وكم أرض جدب دونها ولصوص «٧»

فرفع على نية تقديم الفعل «٨» . وإنما جعلت الفعل مقدما فِي النية لأن النكرات لا تسبق أفاعيلها ألا ترى أنك تقول: ما عندي شيء، ولا تقول ما شىء عندى.


(١) فى اللسان: «فيه» .
(٢) هو للفرزدق من قصيدة يهجو فيها جريرا. والفدع: اعوجاج وعيب فى القدم. والعشار جمع العشراء. وهى الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر.
(٣) كذا فى اللسان (كمم) وفى الأصول: «فتكتبا» وهو تحريف.
(٤) كذا فى اللسان. وفى الأصول: «أراد بها» وهو تحريف.
(٥) حاصل هذا أن خفض تمييزكم الخبرية بالحرف (من) محذوفا. وهذا مذهب أصحابه الكوفيين.
والبصريون يرون الجر بإضافة كم.
(٦) زيادة من اللسان. [.....]
(٧) قبله مطلع القصيدة:
أمن ذكر سلمى أن نأتك تنوص ... فنقصر عنها خطوة أو تبوص
(تنوص) أي تتحول. «فتقصر عنها خطوة» أي تتأخر عنها «أو تبوص» البوص السبق والفوت، أي تسبقها. أي أنك لا توافقها فى السير معها، وهو يخاطب نفسه.
(٨) يريد بالفعل فى البيت (دونها) فإنها فى معنى استقرّ دونها.