للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الَّذِي على الشرط مما لا يجوز رفعه فقوله: اضرب أخاك ظالما أو مسيئا، تريد: اضربه فِي ظلمه وفي إساءته. ولا يجوز هاهنا الرفع فى حاليه لانهما متعلقتان بالشرط. وكذلك الجمع تقول: ضربت القوم مجرّدين أو لابسين، ولا يجوز: مجردون ولا لابسون إلا أن تستأنف فتخبر، وليس بشرط للفعل ألا ترى أنك لو أمرت بضربهم فى هاتين الحالين لم يكن فعلهم إلا نصبا فتقول:

اضرب القوم مجردين أو لابسين لأن الشرط فِي الأمر لازم. وفيما قد مضى يجوز أن تجعله خبرا وشرطا. فلذلك جاز الوجهان فِي الماضي.

وقوله: يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ زعم بعض من روى عن ابن عَبَّاس أنه قال:

رأى المسلمون المشركين فى الحزر ستمائة وكان المشركون تسعمائة وخمسين، فهذا وجه. وروى قول آخر كأنه أشبه بالصواب: أن المسلمين رأوا المشركين على تسعمائة وخمسين والمسلمون قليل ثلاثمائة وأربعة عشر، فلذلك قال: «قَدْ كانَ لَكُمْ» يعنى اليهود «آيَةٌ» فِي قلة المسلمين وكثرة المشركين.

فإن قلت: فكيف جاز أن يقال «مِثْلَيْهِمْ» يريد ثلاثة أمثالهم؟ قلت:

كما تقول وعندك عَبْد: أحتاج إلى مثله «١» ، فأنت محتاج إليه وإلى مثله، وتقول:

أحتاج إلى مثلى عبدي، فأنت إلى ثلاثة محتاج. ويقول الرجل: معي ألف وأحتاج إلى مثليه، فهو يحتاج إلى ثلاثة. فَلَمَّا نوى أن يكون الألف داخلا فِي معنى المثل صار المثل اثنين والمثلان ثلاثة. ومثله فِي الكلام أن تقول:

أراكم مثلكم، كأنك قلت: أراكم ضعفكم، وأراكم مثليكم يريد ضعفيكم، فهذا على معنى الثلاثة.


(١) فى القرطبي ٤/ ٦ بعد إيراد قول الفرّاء: «وهو بعيد غير معروف فى اللغة. قال الزجاج:
وهذا باب الغلط، فيه غلط فى جميع المقاييس لأنا إنما نعقل مثل الشيء مساويا له، ونعقل مثليه ما يساويه مرتين» .