للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناديت زيدا أنه قائم فنصبت (زيدا) بالنداء جاز أن توقع النداء على (أن) كما أوقعته على زَيْد. ولم يجز أن تجعل إن مفتوحة إذا قلت يا زَيْدُ لأن زيدا لم يقع عليه نصب معروف. وقال فِي طه: «فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يَا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ» «١» فكسرت (إني) . ولو فتحت كان صوابا من الوجهين أحدهما أن تجعل النداء واقعا على (إن) خاصة لا إضمار «٢» فيها، فتكون (أن) فِي موضع رفع. وإن شئت جعلت فِي (نودي) اسم مُوسَى مضمرا، وكانت (أن) فِي موضع نصب تريد: بأني أَنَا ربك. فإذا خلعت الباء نصبته. فلو قيل فِي الكلام: نودي أن يا زَيْدُ فجعلت (أن يا زيد) [هو المرفوع بالنداء] «٣» كان صوابا كما قال الله تبارك وتعالى: «وَنادَيْناهُ أَنْ يَا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا» «٤» .

فهذا ما فى النداء إذا أوقعت (إن) قيل يا زَيْد، كأنك قلت: نودي بهذا النداء إذا أوقعته على اسم بالفعل فتحت أن وكسرتها. وَإِذَا ضممت إِلَى النداء الَّذِي قد أصابه الفعل اسما منادى فلك أن تحدث (أن) معه فتقول ناديت أن يا زَيْدُ، فلك أن تحذفها من (يا زَيْدُ) فتجعلها فِي الفعل بعده ثُمَّ تنصبها.

ويجوز الكسر على الحكاية.

ومما يقوى مذهب من أجاز «إِنَّ الله يبشرك» بالكسر على الحكاية قوله:

«وَنادَوْا يَا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ» «٥» ولم يقل: أن ليقض علينا ربك. فهذا مذهب الحكاية. وقال فِي موضع أخر «وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا» «٦» ولم يقل: أفيضوا، وهذا أمر وذلك أمر لتعلم أن الوجهين صواب.


(١) آيتا ١١، ١٢
(٢) أي أن كلمة «نودى» ليس فيها مضمر مرفوع هو نائب الفاعل، وإنما المرفوع بها هو أنى....
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) آيتا ١٠٤- ١٠٥ سورة والصافات.
(٥) آية ٧٧ سورة الزخرف.
(٦) آية ٥٠ سورة الأعراف.