للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أنت تفعل فللفاعلين ... أنت المجيزين تلك الغمارا «١»

وأنشد بعضهم:

صعدة نابتة فِي حائرٍ ... أَيْنَما الريحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ «٢»

إلا أن العرب تَختار إِذَا أتى الفعل بعد الاسم فِي الجزاء أن يَجعلوه «٣» (فعل) لأن الجزم لا يتبين فِي فَعَل، ويكرهون أن يعترض شيء بين الجازم وما جزم. وقوله يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا معناهُ: أَلا تضلوا «٤» . ولذلك صلحت لا فِي موضع أن. هَذِه محنة «٥» ل (أن) إِذَا صلحت فِي موضعها لئلا وكيلا صلحت لا.


(١) هذا من قصيدة يمدح فيها أبان بن الوليد بن عبد الملك. وانظر بعضها فى الخزانة ١/ ٨٢ «والمجيزين» وصف «الفاعلين» والغمار جمع الغمار، وهو الماء الكثير يغمر من دخله ويغطيه.
(٢) هذا من قصيدة لكعب بن جعيل. والصعدة: القناة التي تنبت مستوية فلا تحتاج إلى تثقيف، شبه بها المرأة. ووصف القناة أنها نبتت فى حائر وهو المكان المطمئن يتحير فيه الماء. وانظر الخزانة ١/ ٤٥٧.
(٣) ومن مجىء فعل الشرط المفصول باسم من أداة الشرط فعلا مضارعا شذوذا أو ضرورة قول عبد الله بن عنمة الضبىّ من أبيات:
يثنى عليك وأنت أهل ثنائه ... ولديك إن هو يستزدك مزيد
وحق فعل الشرط فى ذلك أن يكون ماضيا. كما أن حق أداة الشرط فيه أن تكون (إن) دون غيرها.
(٤) قال الكسائي: المعنى يبين الله لكم لئلا تضلوا- ويردّ البصريون ذلك لأنهم لا يجيزون إضمار (لا) والمعنى عندهم: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وكذا فى الكشاف والبيضاوي. ورجح بأن حذف المضاف أسوغ وأشيع من حذف لا- وقال الطبري: وأن تضلوا فى موضع خفض عند بعضهم بمعنى يبين الله لكم بأن لا تضلوا، وأسقطت لا من اللفظ وهى مطلوبة فى المعنى لدلالة الكلام عليها والعرب تفعل ذلك، تقول: جئنك أن تلومنى بمعنى جئتك أن لا تلومنى، كما قال القطامي فى صفة ناقة:
رأينا ما يرى البضراء فيها ... فآلينا عليها أن تباعا
بمعنى الاتباع.
(٥) المحنة: اسم بمعنى الامتحان والاختبار. أي يتعرف بهذا حال أن ومعناها.