للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن رفع (الميتة) جعل (يكون) فعلا لَهَا، اكتفى بيكون بلا فعل «١» . وكذلك (يكون) «٢» فِي كل الاستثناء لا تَحتاج إلى فعل، ألا ترى أنك تَقُولُ: ذهب الناس إلا أن يكون أخاكَ، وأخوكَ. وإنّما استغنت كَانَ ويكون عَن الفعل كما استغنى ما بعد إلا عَن فعل يكون للاسم. فلما قيلَ: قام الناس إلا زيدًا وإلا زيد فنصب بلا فعل ورفع بلا فعل صلحت كَانَ تامة. ومن نصب: قَالَ كَانَ من عادة كَانَ عند العرب مرفوع ومنصوب، فأضمروا فِي كَانَ اسمًا مجهولا، وصيّروا الَّذِي بعده فعلا لذلك المجهول. وَذَلِكَ جائزٌ فِي كَانَ، وليس، ولم يزل، وَفِي أظنّ وأخواتها: أن تَقُولُ (أظنه زيد أخوك «٣» و) أظنّه فيها زيد. ويَجوز فِي إنّ وأخواتها كقول الله تبارك وتعالى: يَا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ «٤» وكقوله: إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «٥» فتذكر الْهَاء وتوحدها، ولا يَجوز تثنيتها ولا جمعها مع جمع ولا غيره. وتأنيثها مع المؤنث وتذكيرها مع المؤنث جائز فتقول: إنّها ذاهبة جاريتك، وإنه ذاهبة جاريتك.

فإن قلت: كيف جاز التأنيث مع الأنثى، ولم تَجز التثنية مع الاثنين؟

قلت: لأن العرب إِنَّما ذهبت إلى تأنيث الفعل وتذكيره، فلمّا جازَ وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ وَأَخَذَتِ جازَ التأنيث، والتذكير. ولَما لَمْ يَجز:

قاما أخواك ولا قاموا قومك، لَمْ يَجز تثنيتها ولا جَمعها.

فإن قلت: أتُجيز تثنيتها فِي قول من قَالَ: ذهبا أخواك؟ قلت: لا، من قِبل أن الفعل واحد، والألف التي فيها كأنّها تدلّ عَلَى صاحِبي الفعل، والواو فى الجمع


(١) أي خبر. يريد: جعلها تامة.
(٢) جعل (يكون) فى الآية استثناء، وجعل ضميرها الضمير المجهول، وهو ما يسمى ضمير الشأن. وهذا مذهب كوفى. والبصريون يجعلون الضمير فى «يكون» للمطعوم، ونحوه مما يفهم من المقام.
(٣) سقط ما بين القوسين فى ج.
(٤) آية ١٦ سورة لقمان.
(٥) آية ٩ سورة النمل.