للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجعلها فِي صفر، وأَحِلّ المحرم، فيفعل ذَلِكَ. وإِنّما دعاهم إلى ذاك توالي ثلاثة أشهر حُرُم لا يُغيرونَ فيها، وإنما كَانَ معاشهم من الإغارة، فيفعل ذَلِكَ عامًا، ثُمَّ يرجع إلى المحرم فيحرِّمه ويُحل صَفَرًا، فذلك الانساء. تَقُولُ إِذَا أخرت الرجل بدَينه: أنساته، فإذا زدت فِي الاجل زيادة يقع عليها تأخير قلت: قد نسأت فِي أيامك وَفِي أَجَلك، وكذلك تَقُولُ للرجل: نسأ الله فِي أجلك لأن الاجل مزيد فِيهِ. ولذلك قيل للبن (نسأته) لزيادة الماء فِيهِ، ونُسئت المرأة إِذَا حبِلت أي جعل زيادة الولد فيها كزيادة الماء فِي اللبن، وللناقة: نسأتها، أي زجرتها ليزداد سيرها.

والنسيء المصدر، ويكون المنسوءَ مثل القتيل والمقتول.

وقوله: يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا قرأها ابن مسعود «١» يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وقرأها زيد بن ثابت «٢» (يَضِلُّ) يجعل الفعل لَهُم، وقرأ الْحَسَن الْبَصْرِيّ «٣» (يُضِلّ بِهِ الَّذِينَ كفروا) ، كأنه جعل الفعل لَهُم يُضِلُّون بِهِ الناس وينسئونه لهم.

وقوله: (لِيُواطِؤُا عِدَّةَ) يقول: لا يخرجون من تَحريم أربعة.

وقوله: مَا لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ (٣٨) معناهُ والله أعلم: (تثاقلتم) فإذا وصلتها العرب بكلام أدغموا التاء فِي الثاء لأنها مناسبة لَهَا، ويحدثونَ ألفًا لَمْ يكن ليبنوا الحرف عَلَى الادغام فِي الابتداء والوصل.

وكأن إحداثهم الألف ليقع بِهَا الابتداء، ولو حذفت لاظهروا التاء لأنها مبتدأة،


(١) وكذلك قرأها حفص وحمزة والكسائي وخلف.
(٢) وقرأها كذلك الحرميان نافع وابن كثير وأبو عمرو.
(٣) قرأها كذلك يعقوب.