للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأدخل الألف واللام عَلَى (أمس) ثُمَّ تركه مخفوضًا عَلَى (جهته الأولى) «١» . ومثله قول الآخر «٢» :

تفقَّأ فوقه القَلَع السواري ... وَجُنَّ الخازبَازَ بِهِ جنونا

فمثل (الآن) بأنها كانت منصوبة «٣» قبل أن تدخل عليها الألف واللام، ثُمَّ أدخلتهما فلم يغيراها. وأصل الآن إنما كَانَ (أوان) حذفت منها الألف وغيِّرت واوها إلى الألف كما قالوا فِي الراح: الرَيَاح أنشدني أَبُو القمقام الفقعسي:

كأن مَكَاكِيَّ الجِوَاء غُدَيَّةً ... نشاوَى تساقَوا بالرَيَاح الْمُفَلْفَل «٤»

فجعل الرياح والاوان عَلَى جهة فَعَل ومرة عَلَى جهة فعال كما قالوا: زمن وزمان.

وإن شئت جعلت (الآن) أصلها من قولك: آن لك أن تفعل، أدخلت عليها الألف واللام، ثُمَّ تركتها عَلَى مذهب فَعَلَ فأتاها النصبُ من نصب فَعل. وهو وجه جيِّد كما قالوا: نَهَى رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن قيل وقال وكثرة السؤال،


(١) فى اللسان: «جهة الألاء» .
(٢) هو ابن أحمر الباهلي. وهو فى وصف الهجل المذكور فى البيت قبله:
بهجل من قسا ذفر الخزامى ... تهادى الجربياء به الحنينا
والهجل: المطمئن من الأرض. وقسا: موضع، والخزامى: نبت طيب الرائحة. والجربياء ريح الشمال. وتفقأ أصله: تنفقأ أي تنشق. والقلع: جمع القلعة وهى السحابة العظيمة، والسواري التي تأتى ليلا. والخازباز أراد به عشبا، أو ذبابا. والكلام فى صفة روض فى الهجل، ففيه العشب الذي جن وهو كناية عن طوله وعمومه، أو الذباب الذي يغشى الرياض، وجنونه هزجه وصوته. وانظر الخزانة ٣/ ١٠٩
(٣) يريد فتح الزاى فى الخازباز، وهذا إحدى اللغات فى الكلمة. ومن اللغات كسر الزاى.
ويقال أيضا الخزباز كقرطاس.
(٤) المكاكي ضرب من الطيور. والجواء واد فى نجد. وغدية تصغير غدوة. والرياح الخمر، والمفلفل: الذي وضع فيه الفلفل. والبيت من معلقة امرئ القيس.