للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا رفعت العرب النعوت إِذَا جاءت بعد الأفاعيل «١» فِي (إنّ) لانهم رأوا الفعل «٢» مرفوعًا، فتوهّموا أن صاحبه مرفوع فِي المعنى- لانهم لَمْ يَجدوا فِي تصريف المنصوب اسمًا منصوبًا وفعله مرفوع- فرفعوا النعت. وَكَانَ الْكِسَائي يقول:

جعلته- يعني النعت- تابعًا للاسم المضمر فِي الفعل «٣» وهو خطأ وليس بِجائز لأن (الظريف) «٤» وما أشبهه أسماء ظاهرة، ولا يكون الظاهر نعتًا «٥» لمكنيّ إلا ما كَانَ مثل نفسه وأنفسهم، وأجمعين، وكلهم لأن هَذِه إنّما تكون أطرافًا لأواخر الكلام لا يُقال مررت بأجمعين، كما يُقال مررت بالظريف. وإن شئت جعلت قوله الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ رفعا.

بقوله: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا

(٦٣) وذكر أن البشرى فِي الحياة الدُّنْيَا الرؤيا الصالِحة يراها المسلم أو ترى لَهُ، وَفِي الآخرة الجنة. وقد يكون قوله: هُمُ الْبُشْرى

ما بشرهم بِهِ فِي كتابه من موعوده، فقال وَ «٦» يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ فِي كَثِير من القرآن.

ثُمَّ قَالَ (لا تبديل لكلمات الله) أي لا خُلْف لوعد الله.

وقوله: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ (٦٥) المعنى الاستئناف. ولم يقولوا هم ذاك، فيكون حكاية. فأمَّا قوله وَقَوْلِهِمْ «٧» إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ فإنها كسرت لأنها جاءت بعد القول، وما كان بعد القول من (إن)


(١، ٢، ٣) يريد بالفعل والأفاعيل خبر إنّ.
(٤) أي فى نحو قولك: إنّ محمدا قائم الظريف. ويريد بصاحب الفعل اسم إنّ.
(٥) يريد بالنعت التابع الشامل للبدل والتوكيد والنعت.
(٦) آية ٢ سورة الكهف.
(٧) آية ١٥٧ سورة النساء.