للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ» «١» ومثله (فِي الكلام) «٢» أن تقول: أَنَا الَّذِي أمرتك بالتجارة فاكتسبت الأموال، فالمعنى فتجَرت فاكتسبت.

وأما قوله: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ... (٦٠)

فإن القائل يقول: وما حاجة القوم إلى أن يعلموا مشاربهم ونحن نرى الأنهار قد أجريت لقوم بالمن من اللَّه والتفضل على عباده، ولم يقل: قد علم كل أناسٍ مشربهم، لغيرهم؟ وإنما كان ذلك- والله أعلم- لأنه حجرٌ انفجرت منه اثنتا عشرة عينا على عدد الأسباط لكل سِبْطٍ عين، فإذا ارتحل القوم أو شربوا ما يكفيهم عاد الحجر كما كان وذهبت العيونُ، فإذا احتاجوا انفجرت العيونُ من تلك المواضع، فأتى كل سِبْطٍ عَيْنَهم التي كانوا يشربون منها.

وأما قوله: وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها ... (٦١)

فإن الفوم فيما ذكر لغةٌ قديمة (وهي) «٣» الحِنْطَة والخُبْز جميعا قد ذُكِرا. قال بعضهم:

سمعنا (العرب «٤» من) أهل هذه اللغة يقولون: فَوِّموا لنا بالتشديد لا غير «٥» ، يريدون اختبزوا وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه «وَثُومِهَا» بالثاء، فكأنّه أشبهُ المعنيين بالصواب لأنه مع ما يشاكله: من العدس وَالْبَصَلِ وشِبْهه. والعرب تُبدل الفاء بالثاء فيقولون: جدث وجَدَفٌ، ووقعوا فِي عاثُور شَرٍّ «٦» وعافُور شرٍّ، والأثاثي والأثافيّ. وسمعت كثيرًا من بْني أسد يسمّى (المغافير «٧» المغاثير) .


(١) آية ٦٣ سورة الشعراء.
(٢، ٣، ٤) سقط فى أ.
(٥) «لا غير» : سقط من ج، ش.
(٦) وقعوا فى عاثور شر: أي فى اختلاط من الأمر وشدّة.
(٧) فى أ: «يقولون:
المغاثير والمغافير» . والمغافير: صمغ يسيل من شجر الرمث والعرفط وهو حلو يؤكل غير أن رائحته ليست بطيبة.