للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوصف اليومين بالغيمين وإنَّما يكون الغيم فيهما. والوجه الآخر أن يريد فِي يوم عَاصِفِ الريحِ فتحذف الريح لأنَّها قد ذكرت فِي أوّل الكلمة كما قَالَ الشاعر:

فيضحكُ عرفانَ الدروع جلودُنا ... إذا جاء يوم مظلمُ الشمس كاسفُ

يريد كاسف الشمس فهذان وجهان. وإن نويت أن تجعل (عاصف) من نعت الريح خاصَّة فلما جاء بعد اليوم أتبعته إعراب اليوم وَذَلِكَ من كلام العرب أن يُتبعوا الخفض الخفض إذا أشبهه.

قَالَ الشاعر:

كأَنَّما ضربت قدّام أعينِها ... قُطْنا بِمستحصِد الأوتارِ محلوج «١»

وقال الآخر «٢» :

تريكَ سُنَّة وجه غيرِ مُقرفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خال وَلَا نَدَبُ

قَالَ: سمعتُ الفراء قَالَ: قلت لأبي ثَرْوان وقد أنشدني هَذَا البيت بِخفض: كيف تَقُولُ: تريكَ سُنَّة وجه غير مقرفة؟ قَالَ: تريكَ سنّة وجه غَيْرَ مقرفة. قلت لَهُ: فأنشد فخفض (غير) فأعدتُ القول عَلَيْهِ فقال: الَّذِي تَقُولُ أنت أجود مِمّا أقول أنا وَكَانَ إنشاده عَلَى الخفض. وقال آخر «٣» :

وإيَّاكم وَحَيَّةَ بطنِ وادٍ ... هَمُوزِ النابِ ليسَ لكم بِسِيّ

وَمِمَّا يرويه نحويُّونا الأوَّلون أن العرب تَقُولُ: هَذَا جُحْرُ ضَبّ خَرِبٍ. والوجهُ أن يقول:

سُنَّةَ وجه غيْرَ مقرفة، وحَيَّةَ بطنِ واد هَموزَ النابِ، وهذا جُحْرٍ ضبّ خربٌ. وقد ذكر عن


(١) أراد بمستحصد الأوتار مندفا متينا. وقوله: «محلوج» من صفة (قطنا) وكان حقه النصب، ولكنه جره على المجاورة.
(٢) هو ذو الرمة فى بائيته المشهورة. والسنة: الصورة. والمقرفة. التي دنت من الهجنة، وهو عيب. والندب الأثر من الجراح. وانظر الديوان ٤
(٣) هو الحطيئة كما فى اللسان (سوا) والهمز: العض. وسى: مساو وانظر الخصائص ٣ هما ٢٢