للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ: [٤٤] رفع تابع ليأتيهم وليسَ بِجواب للأمر ولو كَانَ جوابًا لَجَازَ نصبه ورفعه، كما قَالَ الشاعر «١» :

يَا ناقَ سِيرِي عَنَقًا فسِيحا ... إلى سليمان فنستريحا

والرفع على الاستئناف. والائتناف بالفاء فِي جواب الأمر حسن، وَكَانَ شيخٌ لنا يُقال لَهُ: العلاء بن سَيابة- وهو الَّذِي علم مُعَاذا الْهَرَّاء وأصحابه- يقول: لا أنصب بالفاء جَوَابًا للأمر.

وقوله: وَتَبَيَّنَ لَكُمْ [٤٥] وأصْحَابُ عبد الله: (وَنُبَيِّنْ «٢» لَكُمْ) .

وقوله: وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ [٤٦] .

فأكثر القراء عَلَى كسر اللام ونصب الفعل من قوله (لِتَزُولَ) يريدونَ: ما «٣» كانت الجبالُ لتزول من مكرهم. وقرأ عبد الله بن مسعود (وَمَا كانَ مكرُهم لتزولَ منه الجبال) حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي جاز لَنَا مِنَ الْقُرَّاءِ يُقَالُ لَهُ غَالِبُ بْنُ نَجِيحٍ- وَكَانَ ثِقَةً وَرِعًا- أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ) بِنَصْبِ «٤» اللامِ الأُولَى وَرَفْعِ الثَّانِيَةِ. فَمَنْ قَرَأَ:

(وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ) فَعَلَى مَعْنَى قِرَاءَةِ عَلِيٍّ أَيْ مَكَرُوا مَكْرًا عَظِيمًا كَادَتِ الْجِبَالُ تَزُولُ مِنْهُ.

وقوله: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ [٤٧] أضفت (مُخْلف) إلى الوعد ونصبت الرسل عَلَى التأويل «٥» . وإذا كَانَ الفعل يقع عَلَى شيئين مختلفين مثل كسوتك الثوب وأدخلتك الدار فابدأ


(١) هو أبو النجم العجلى. كما فى شواهد العيني وكما فى كتاب سيبويه ١/ ٤٢١
(٢) أي بالجزم، وقد نسب القرطبي هذه القراءة إلى أبى عبد الرحمن السلمى. انظر تفسيره ٩/ ٣٧٩ والجزم بالعطف على قوله: «أو لم تكونوا» وفى البحر المحيط ٥/ ٤٣٦ أنه روى عنه أيضا الرفع
(٣) أي أن «إن» نافية
(٤) هى قراءة الكسائي
(٥) جعله على التأويل إذا كان الأصل تقديمه على «وعده»