للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: بِشِقِّ الْأَنْفُسِ [٧] أكثر الْقُرَّاء عَلَى كسر الشِّين ومعناها: إِلَّا بجَهْد الأنفس. وكأنه اسم وكأن الشَّقّ فِعْل كما تُوهِّم أن الْكُرْه الاسم وأن الْكَرْه الفعل. وقد قرأ بِهِ بعضهم «١» (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) وقد يجوز فى قوله: (بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) أن تذهب إلى أن الْجَهد ينقص من قوة الرجل ونَفْسه حَتَّى يجعله قد ذَهَب بالنصف من قوّته، فتكون الكسرة عَلَى أَنَّهُ كالنصف والعرب تَقُولُ: خذ هَذَا الشِّقّ لشقّة الشاة ويُقال: المالُ بيني وبينك شَقّ الشعرة وشِقّ الشَّعَرة وهما متقاربان، فإذا قالوا شققت عليْكَ شَقًّا نصبوا ولم نسمع غيره.

وقوله: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ [٨] تنصبها بالردّ عَلَى خَلَق. وإن شئت جعلته منصوبًا عَلَى إضْمَار سَخّر: فيكون فِي جَواز إضماره مثل قوله: (خَتَمَ «٢» اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) من «٣» نصب فِي البقرة نصب الغشاوة بإضمار (وجعل) ولو رفعت (الخيلَ والبغالَ والحميرَ) كَانَ صوابًا من وجهين. أحدهما أن تَقُولَ: لَمّا لَمْ يكن الفعل معها ظاهرًا رفعته عَلَى الاستئناف. والآخر أن يُتوهّم أن الرفع فِي الأنعام قد كَانَ يصلح فتردّها عَلَى ذَلِكَ كأنك قلت:

والأنعامَ خلقها، والخيلُ والبغالُ عَلَى الرفع.

وقوله عزّ وجلّ: (لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) ، ننصبها: ونجعلها زينة عَلَى فعل مضمر، مثل وَحِفْظاً «٤» مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) أي جعلناها. ولو لَمْ يكن فِي الزينة ولا فى (وَحِفْظاً) واو لنصبتها بالفعل الَّذِي قبلها لا بالإضمار. ومثله أعطيتك درهمًا ورغبة فِي الأجر، المعنى أعطيتكه رغبةً.

فلو ألقيت الواو لَمْ تَحتج إلى ضَمير لأنه متصل بالفعل الَّذِي قبله.

وقوله: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ [٩] يقال: هداية الطرق. ويقال السبيل، الإسلام


(١) هو أبو جعفر كما فى الإتحاف وقد وافقه اليزيدي راوى أبى عمرو، وخالف فى هذا أبا عمرو.
(٢) الآية ٧ سورة البقرة.
(٣) هو المفضل كما فى البحر المحيط ١/ ٤٩.
(٤) الآية ٩ سورة الصافات.