للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنى عقيل ماذه الخنافِقُ ... المالُ هَدْيٌ والنساءُ طالِقُ

وجبل يأوي إِلَيْهِ السارق «١»

فقال: طالق لأن أكثر ما يجري الاستحلاف بين الخصم والخصم، فجرى فِي الجمع عَلَى كثرة الْمُجرى فِي الأصل. ومثله (بِفِي الشامتين) وأشباهه.

وقوله: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ [٤٩] فقال: (مِنْ دابَّةٍ) لأن (ما) وإن كانت قد تكون عَلَى مذهب (الَّذِي) فإنها غير مؤقّتة، وإذا أبهمت غير موقّتة أشبهت الجزاء، والجزاء تدخل (من) فيما جاء من اسم بعده من النكرة. فيُقال: من ضربه من رجُل فاضربوه. ولا تسقط من فى هَذَا الموضع. وهو كَثِير فِي كتاب الله عزّ وجلّ. قال الله تبارك وتعالى (مَا أَصابَكَ «٢» مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) وقال (وَمَنْ «٣» يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) وقال «٤» (أَوَلَمْ «٥» يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) ولم يقل فِي شيء منه بطرح (مِنْ) كراهية أن تَشبه أن تكون حالًا لِمَن وَمَا، فجعلوهُ بِمَن ليدلّ عَلَى أَنَّهُ تفسير لِمَا ومن لأنهما غير مؤقّتتين، فكان دخول (من) فيما بعدهما تفسيرا لمعناهما، وَكَانَ دخول (مِن) أدلَّ عَلَى ما لَمْ يوقّت مِن مَنْ وما، فلذلك لَمْ تُلْقَيَا «٦» . ومثله قول الشاعر:

حاز لك الله ما آتاكَ من حسن ... وحيثما يقض أمرًا صالِحًا تكُنِ

وقال آخر.

عُمرا حَييت ومَن يشناكَ من أحد ... يَلْق الهوان ويلق الذلّ والغِيرا «٧»


(١) الخنافق جمع خنفقيق وهى الداهية. وانظر الخصائص ٢/ ٦٢.
(٢) الآية ٧٩ سورة النساء.
(٣) الآية ١٢٤ سورة النساء.
(٤) فى ا، ش، ب: «قوله» والمناسب ما أثبت وهو متصل بما قبله.
(٥) الآية ٤٨ سورة النحل.
(٦) فى الطبري: «تلغيا» .
(٧) غير الدهر أحداثه وفى ب: «العبرا» ويظهر أنه تحريف.