للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَبِلغْ أَبَا يحيى إذا ما لقيتهُ ... على العيس فِي آباطها عرق يبسُ «١»

بأن السلامي الَّذِي بضريةٍ ... أمير الحمى قد باع حقي بني عبس «٢»

بِثَوْبٍ ودِينارٍ وشاةٍ ودِرهمٍ ... فَهَل هُوَ مَرفوعٌ بما هاهنا رَأْسُ

فجعل مع «هَل» العماد وهي لا ترفع ولا تنصب لأن هَلْ تطلب الأسماء أكثر من طلبها فاعلا «٣» قال: وكذلك «ما» و «أما» ، تقول: ما هُوَ بذاهب أحدٌ، وأما هُوَ فذاهبٌ زَيْدُ، لقبح أمّا ذاهب فزيد.

وقوله: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ... (٨١)

وضعت بَلى لكل أقرار فِي أوله جحد، ووضعت «نعم» للاستفهام الذي لا جحد فيه، ف «بَلى» بمنزلة «نعم» إلا أنها لا تكون إلا لما فِي أوله جحد قال اللَّه تبارك وتعالى: «فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ» «٤» ف «بَلى» لا تصلح فى هذا الموضع. وأما الجحد فقوله: «أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ» «٥» ولا تصلح هاهنا «نعم» أداة وذلك أن الاستفهام يحتاج إلى جواب ب «نعم» و «لا» ما لم يكن فِيهِ جحدٌ، فإذا دخل الجحد فِي الاستفهام لم يستقم أن تقول «٦» فِيهِ «نعم» فتكون كأنك مقر بالجحد وبالفعل الَّذِي بعده ألا ترى أنك لو قلت لقائل قال لك: أما لك مالٌ؟ فلو قلت «نعم» كنت مقرًّا بالكلمة بطرح الاستفهام وحده، كأنك قلت «نعم» مالي مالٌ، فأرادوا أن يرجعوا عن الجحد ويقرّوا بما


(١) عرق يبس: جاف.
(٢) السلامى: نسبة إلى سلام: موضع بنجد. وضرية: قرية قديمة فى طريق مكة من البصرة من نجد، أو أرض بنجد ينزلها حاج البصرة. وفى البيت إقواء لأن روىّ قافية البيت الأوّل والثالث مرفوع والثاني مجرور.
(٣) كذا. والوجه: فعلا، وعذره أن الفاعل حليف الفعل ورديفه. وفى الأصول: «فاعل» وكأن وجهه أن كلا يطلب الآخر، فهل تطلب الفاعل، والفاعل يطلبها، ولا يطلبها الاسم.
(٤) آية ٤٤ سورة الأعراف.
(٥) آية ٨، ٩ سورة الملك.
(٦) «أن تقول» : ساقط من ج، ش.