للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهان فإذا وصلتها بنكرة قد تكون معرفة بحدوث ألفٍ ولام فيها نصبت تلك النكرة، كقولك: بئس رجلا عمرو، ونعم رجلا عمرو، وإذا أوليتها معرفة فلتكن غير موقتة، فِي سبيل النكرة، ألا ترى أنك ترفع فتقول: نعم الرجل عمرو «١» ، وبئس الرجل عمرو «٢» ، فإن أضفت النكرة إلى نكرة رفعت ونصبت، كقولك: نعم غلام سفر زَيْدُ، وغلام سفر زَيْدُ وإن أضفت إلى المعرفة شيئا رفعت، فقلت: نعم سائس الخيل زَيْدُ، ولا يجوز النصب إلا أن يضطر إليه شاعر، لانهم حين أضافوا إلى النكرة رفعوا، فهم إذا أضافوا إلى المعرفة أحرى ألا ينصبوا. وإذا أوليت نعم وبئس من النكرات ما لا يكون معرفة مثل «مثل» و «أى» كان الكلام فاسدًا خطأ أن تقول: نعم مثلك زَيْدُ، ونعم أي رَجُل زَيْدُ لأن هذين لا يكونان مفسرين «٣» ، ألا ترى أنك لا تقول: [لله] «٤» درك من أي رجل، كما تقول: لله درك من رَجُل، ولا يصلح أن تولي نعم وبئس «الَّذِي» ولا «من» ولا «ما» إلا أن تنوي بهما الاكتفاء «٥» دون أن يأتي بعد ذلك اسم مرفوع «٦» . من ذلك قولك: بئسما صنعت، فهذه مكتفية، وساء ما صنعت. ولا يجوز ساء ما صنيعك. وقد أجازه الكسائي فِي كتابه على هذا المذهب. قال الفراء: ولا نعرف ما جهته، وقال «٧» : أرادت العرب أن تجعل «ما» بمنزلة الرجل حرفا تاما، ثُمَّ أضمروا لصنعت «ما» كأنه قال: بئسما ما صنعت، فهذا قوله وأنا لا أجيزه. فإذا جعلت «نعم» (صلة لما) «٨» بمنزلة قولك «كلما» و «إنما» كانت بمنزلة «حبذا» فرفعت بها الأسماء من ذلك قول اللَّه عز وجل:

«إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ» رفعت «هِيَ» ب «نعما» ولا تأنيث فِي «نعم»


(١، ٢) فى أ: «عبد الله» .
(٣) لاشتراط النحاة فى فاعل نعم وبئس أن يكون غير متوغل فى الإبهام بخلاف نحو «غير» و «مثل» و «أي» .
(٤) زيادة يقتضيها المثال.
(٥) أي الاستغناء عن المخصوص. وهذا إذا كان هذان اللفظان موصولين بما يوصل به الذي.
(٦) أي مخصوص.
(٧) أي الكسائىّ.
(٨) كذا فى الأصول. والوجه فى العبارة:
«موصولة بما» أو «جعلت ما صلة نعم» كما سيأتى له. وقد ركب الفراء متن التسامح فى هذا.