للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ [١٨] يريد: أهل السموات (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) يعني كل خلق من الجبال ومن الجن وأشباه ذَلِكَ (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) من أهل الطاعة (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) فيقال. كيف رفع الكثير وهو لَمْ يسجد؟ فالجواب فِي ذَلِكَ أَنَّ قوله (حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) يدلّ عَلَى أَنَّهُ: وكثير أبَى السّجود، لأنه لا يحِقّ عَلَيْهِ العذاب إلا بترك «١» السجود والطاعة. فترفعه بما عاد من ذكره فِي قوله (حَقَّ عَلَيْهِ) فتكون (حَقَّ عَلَيْهِ) بمنزلة أَبَى. ولو نصبت: وكثيرًا حق العذاب كَانَ وجهًا بمنزلة قوله (فَرِيقاً هَدى «٢» وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) ينصب «٣» إذا كَانَ فِي الحرف واو وعاد ذكره بفعل قد وقع عَلَيْهِ. ويكون فِيهِ الرفع لعودة ذكره كما قَالَ الله (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) «٤» وكما قال (وَأَمَّا ثَمُودُ «٥» فَهَدَيْناهُمْ) .

وقوله (وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) يقول: ومن يشقه الله فما لَهُ من مُسعد. وقد تقرأ «٦» (فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) يريد: من إكرام.

وقوله: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ [١٩] فريقين «٧» أهل دينين. فأحد الخصمين المسلمون، والآخر اليهود والنصارى.

وقوله (اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) فِي دين ربهم. فقال اليهود والنصارى للمسلمين: ديننا خيرٌ من دينكم لأنا سبقناكم. فقال المسلمون: بَلْ ديننا خيرٌ من دينكم. لأنّا آمنّا بنبينا والقرآن، وآمنّا بأنبيائكم وكتبكم، وكفرتم بنبيِّنا وكتابنا. فعلاهم المسلمون بالحجة وأنزل الله هذه الآية.


(١) ا: «بتركه» . [.....]
(٢) الآية ٣٠ سورة الأعراف.
(٣) ا: «فينصب» .
(٤) الآية ٢٢٤، سورة الشعراء.
(٥) الآية ١٧ سورة فصلت.
(٦) هى قراءة ابن أبى عبلة كما فى البحر ٦/ ٣٥٩.
(٧) هو حال من الضمير فى «اختصموا» .