للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأدخل على «لقد» لا ما أخرى لكثرة ما تلزم العرب اللام فِي «لقد» حَتَّى صارت كأنها منها. وأنشدني بعض بْني أسد:

لددتهم النصيحة كل لَدٍّ ... فمجوا النصح ثُمَّ ثنوا فقاءوا

فلا والله لا يلفى لما بي ... ولا للمابهم أبدًا دَواءُ «١»

ومثله قول الشاعر:

كما ما امرؤ في معشر غير رهطه ... ضعيف الكلام شخصه متضائل

قال: «كما» ثُمَّ زاد معها «ما» أخرى لكثرة «كما» فِي الكلام فصارت كأنها منها. وقال الأعشى:

لَئِنْ مُنِيتَ بِنا عَن غِبِّ مَعْرَكةٍ ... لا تُلْفِنَا مِن دِماءِ القومِ نَنْتَفِلُ «٢»

فجزم «لا تلفنا» والوجه الرفع كما قال اللَّه: «لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ» «٣» ولكنه لما جاء بعد حرفٍ يُنْوى به الجزمُ صُيِّر جزما جوابا للمجزوم وهو فِي معنى رفع. وأنشدني القاسم بْن مَعْنٍ (عن العرب) «٤» :


(١) البيتان من قصيدة طويلة لمسلم بن معبد الوالبي. والشاهد فى قوله: «للما» حيث كررت فيه اللام للتأكيد وهى حرف واحد بدون ذكر مجرور الأولى، وهو على غاية الشذوذ والقلة، والقياس (لما بهم لما بهم) . ولددتهم هنا بمعنى ألزمتهم يقول: ألزمتهم النصيحة كل الإلزام فلم يقبلوا، ولا يوجد شفاء لما بي من الكدر ولا لما بهم من داء الحسد. ويروى عجز البيت:
وما بهم من البلوى دواء وانظر الخزانة ١/ ٣٦٤.
(٢) منيت: أي بليت وقدر لك. و «عن غب معركة» «عن» بمعنى بعد، والغب: العاقبة.
وانتقل من الشيء: انتفى منه وتنضل. والشاهد فى البيت أن الشرط قد يجاب مع تقدم القسم عليه، وهو قليل خاص بالشعر.
وقال ابن هشام: إن اللام فى «لئن» زائدة وليست موطئة كما زعم الفراء.
(٣) . ١٢ آية سورة الحشر.
(٤) سقط فى أ.