للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحُلّ أحَيْدَه ويُقالُ بَعْلٌ ... ومثلُ تموُّلٍ مِنْهُ افتقارُ

فما يُخطئكِ لا يخطئكِ منه ... طَبَانِيَةٌ فيحظل أو يغار «١»

فرفع. وأنشدنى آخر:

فمالك منها غير ذِكرى وحِسْبة ... وتسأل عَن ركبانها أينَ يَمَّمُوا «٢»

وقال الْكِسَائي: سمعتُ من العرب: ما هي إِلَّا ضَرْبة من الأسَد فيحطِمُ ظهره، (و) يحطم ظهرَه. قَالَ: وأنشدني الأسَدِي:

عَلى أَحْوذِيَّيْنِ استقلت عَشِيَّة ... فما هي إلا لَمْحة فتغيب «٣»

وقوله: بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها [٥٩] القراء مجتمعونَ عَلَى نصب الكاف وأن المخاطب ذَكَر. قَالَ الفراء وَحَدَّثَنِي شيخ عَن وِقَاء بن إياسٍ بسنده أَنَّهُ قرأ (بَلَى قد جاءَتْكِ آيَاتِي) فكذَّبْتِ بِهَا واستكبرت (فخفض الكاف والتاء كأنه يُخاطب النفس. وهو وجه حسَن لأنه ذكر النفس فخاطبها أوَّلًا، فأجْرى الكلام الثاني عَلَى النفس فِي خطابها.

وقوله: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ [٦٠] ترفع (وجوههم) و (مسودّة) لأنّ الفعل قد وقع عَلَى (الَّذِينَ) ثُمَّ جاء بعد (الذينَ) اسم لَهُ فعل فرفعته بفعله، وَكَانَ فِيهِ معنى نصب. وكذلك فالفعل بكل اسم أوقعتَ عَلَيْهِ الظنّ والرأي وما أشبههما فارفع ما يأتي بعده من الأسماء إِذَا كَانَ معها أفاعيلها بعدها كقولك: رأيت عبد الله أمرُه مستقيم. فإن قدمت


(١) ورد البيت الثاني فى اللسان مع بيتين آخرين فى (حظل) وهى منسوبة للبحترى الجعدي فى رجل شديد الغيرة على امرأته. فهو ينزل فى السفر وحده، وهذا معنى «أحيده» وأصله وحيده تصغير وحده. والطبانية الفطنة أي أنه فطين لمن ينظر إلى حليلته، فهو إما يحظل أي يكفها عن الظهور والتعرض للنظار أو يغضب ويغار والحظل:
الحجر والتضييق. وكتب فى هامش ١: «حظلت عليه وحجزت عليه» يريد الكاتب تفسير الحظل، بالحجر.
(٢) فى الطبري والبحر المحيط «حسرة» مكان «حسبة» ويبدو أنه الصواب فلا معنى لحسبة هنا.
(٣) من قصيدة لحميد بن ثور. وهو فى وصف القطاة: ويريد بالأحوذيين جناحيها يصفهما بالخفة:
وانظر شواهد العيني على هامش الخزانة ١/ ١٧٧: