للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمُرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... فِي غَارِزٍ لَمْ تَخَوَّنْهُ الْأَحَالِيلُ [١]

قَنْوَاءُ فِي حُرَّتَيْهَا لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ [٢]

تَخْدِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهْيَ لَاحِقَةٌ ... ذَوَابِلٍ مَسُّهُنَّ الْأَرْضَ تَحْلِيلُ [٣]

سُمْرِ الْعُجَايَاتِ يَتْرُكْنَ الْحَصَى زِيَمًا ... لَمْ يَقِهِنَّ رُءُوسَ الْأُكْمِ تَنْعِيلُ [٤]

كَأَنَّ أَوْبَ ذِرَاعَيْهَا وَقَدْ عَرِقَتْ ... وَقَدْ تَلَفَّعَ بِالْقُورِ الْعَسَاقِيلُ [٥]


[ () ] المستطيل. وَفِي رِوَايَة «كَأَنَّمَا قاب.... إِلَخ» : والقاب: الْمِقْدَار. وَالْمرَاد: الْمسَافَة من وَجههَا إِلَى عينيها، كَأَنَّمَا قدر وَجههَا الْمُنْتَهى إِلَى عينيها من خطمها قدر برطيل فِي الاستطالة.
[١] عسيب النّخل: جَرِيدَة الّذي لم ينْبت عَلَيْهِ الخوص، فَإِن نبت عَلَيْهِ سمى سَعَفًا. وَذَا خصل: يُرِيد ذيلا لَهُ لفائف من الشّعْر. وَفِي غارز: أَي على ضرع. وَلم تخونه: لم تنقصه. والأحاليل: مخارج اللَّبن، جمع إحليل (بِالْكَسْرِ) . يُرِيد أَن هَذِه النَّاقة تمر ذَنبا مثل جَرِيدَة النّخل فِي الغلظ والطول، كثير الشّعْر، على ضرع لم تنقصه مخارج اللَّبن، لكَونهَا لَا تحلب، فَيكون ذَلِك أقوى لَهَا على السّير.
[٢] القنواء: المحدودبة الْأنف. ويروى: «وجناء» . وَقد عد الشَّاعِر هَذَا من صِفَات الْمَدْح مَعَ أَن الْمَنْقُول عَن الْعَرَب أَن القنا عيب فِي الْإِبِل وَالْخَيْل. والحزتان: الأذنان. وَالْعِتْق (بِالْكَسْرِ) : الْكَرم.
والمبين: الظَّاهِر. وتسهيل: سهولة ولين: لَا خشونة وَلَا حزونة. يُرِيد أَن هَذِه النَّاقة محدودبة الْأنف، يظْهر للعارف بِالْإِبِلِ الْكِرَام كرم ظَاهر فِي أذنيها، لحسنهما وطولهما، ونجابة فِي خديها: سهولة وليونة.
وَقد ورد هَذَا الْبَيْت فِي (أ) مُتَقَدما على الْبَيْتَيْنِ السَّابِقين لَهُ.
[٣] تخدى: تسرع. ويروى «تخذى» بمعجمتين، أَي تسترخي، وَهَذَا أبلغ فِي الْمَدْح، لِأَنَّهَا مَعَ استرخائها فِي السّير تلْحق النوق السوابق، فَكيف لَو أسرعت. وَفِي أ: «تهوى» وَهِي بِمَعْنى الأولى.
واليسرات: القوائم الْخفاف. وَهِي لاحية: أَي وَالْحَال أَنَّهَا لاحقة بالنوق السَّابِقَة عَلَيْهَا، أَو بالديار الْبَعِيدَة عَنْهَا. وَفِي أ: «وَهِي لاهية» أَي غافلة عَن السّير، فَهِيَ تسرع فِيهِ من غير اكتراث ومبالاة، كَأَن ذَلِك سجية لَهَا. وَقد فسر ابْن هِشَام «اللاحقة» بالضامرة، فَيكون مرجع الضَّمِير «هِيَ» لليسرات.
والذوابل: جمع ذابل، وَهُوَ الرمْح الصلب الْيَابِس، شبه قَوَائِمهَا بهَا فِي الصلابة والشدة. ومسهن: أَي مس تِلْكَ اليسرات للْأَرْض أَو وقعهن عَلَيْهَا. وَتَحْلِيل: أَي قَلِيل لم يُبَالغ فِيهِ، يُرِيد أَن هَذِه النَّاقة سريعة فِي السّير بقوائمها، سريعة الرّفْع عَن الأَرْض، كَأَنَّهَا لَا تمسها إِلَّا تَحِلَّة الْقسم، فَهِيَ فِي غَايَة الْإِسْرَاع فِي سَيرهَا.
[٤] العجايات: الأعصاب الْمُتَّصِلَة بالحافر، وَقيل: اللحمة الْمُتَّصِلَة بالعصب المنحدر من ركبة الْبَعِير إِلَى الفرسن، يشبه عصبها أَو لحم قَوَائِمهَا بِالرِّمَاحِ السمر لقُوته وصلابته. وزيما: مُتَفَرقًا. والأكم: هِيَ الْأَرَاضِي المرتفعة. والتنعيل: شدّ النَّعْل على ظفر الدَّابَّة ليقيها الْحِجَارَة. يُرِيد أَن أعصاب قَوَائِم هَذِه النَّاقة شَدِيدَة كالرماح السمر، ولشدة وَطئهَا الأَرْض تجْعَل الْحَصَى مُتَفَرقًا، ولصلابة خفافها لَا تحْتَاج إِلَى تنعيل يَقِيهَا الْحِجَارَة الَّتِي تكون فِي رُءُوس الأكم، فَلَا تخفى وَلَا ترق قدمهَا.
[٥] الأوب (بِالْفَتْح) : سرعَة التقلب وَالرُّجُوع. وعرقت: أَي وَقت عرقها لَا لتعب وَلَا لإعياء،