للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَأَنَّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ [١] إلَى الصَّفَا ... أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ

فَقُلْتُ لَهَا وَالْقَلْبُ مِنِّي كَأَنَّمَا ... يُلَجْلِجُهُ [٢] بَيْنَ الْجَنَاحَيْنِ طَائِرُ

بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلَهَا فَأَزَالَنَا ... صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالْجُدُودِ [٣] الْعَوَاثِرِ

وَكُنَّا وُلَاةَ الْبَيْتِ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ ... نَطُوفُ بِذَاكَ الْبَيْتِ وَالْخَيْرُ ظَاهِرُ [٤]

وَنَحْنُ وَلِينَا الْبَيْتَ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ ... بِعَزٍّ فَمَا يَحْظَى لَدَيْنَا الْمُكَاثِرُ

مَلَكْنَا فَعَزَّزْنَا فَأَعْظِمْ بِمُلْكِنَا ... فَلَيْسَ لِحَيِّ غَيْرِنَا ثَمَّ فَاخِرُ

أَلَمْ تُنْكِحُوا مِنْ خَيْرِ شخص [٥] عَلمته [٦] ... فأبناوه مِنَّا وَنَحْنُ الْأَصَاهِرُ

فَإِنْ تَنْثَنِ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بِحَالِهَا ... فَإِنَّ لَهَا حَالًا وَفِيهَا التَّشَاجُرُ

فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا الْمَلِيكُ بِقُدْرَةٍ ... كَذَلِكَ يَا لِلنَّاسِ تَجْرِي الْمَقَادِرُ

أَقُولُ إذَا نَامَ الْخَلِيُّ وَلَمْ أَنَمْ ... أَذَا الْعَرْشِ: لَا يَبْعُدُ سُهَيْلٌ وَعَامِرٌ

وَبُدِّلْتُ مِنْهَا أَوْجُهًا لَا أُحِبُّهَا ... قَبَائِلُ مِنْهَا حِمْيَرُ وَيُحَابِرُ [٧]

وَصِرْنَا أَحَادِيثَا وَكُنَّا بِغِبْطَةٍ ... بِذَلِكَ عَضَّتْنَا السِّنُونَ الْغَوَابِرُ

فَسَحَّتَ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَبْكِي لِبَلْدَةٍ ... بِهَا حَرَمٌ أَمْنٌ وَفِيهَا الْمَشَاعِرُ [٨]

وَتَبْكِي لِبَيْتٍ لَيْسَ يُوذَى حَمَامُهُ ... يَظَلُّ بِهِ أَمْنًا وَفِيهِ الْعَصَافِرُ [٩]


[١] الْحجُون: جبل بِأَعْلَى مَكَّة، عَلَيْهِ مدافن أَهلهَا، وَقيل: مَكَان من الْبَيْت على ميل وَنصف، وَقيل على فَرسَخ وَثلث، عَلَيْهِ سَقِيفَة آل زِيَاد بن عبد الله الْحَارِثِيّ، وَكَانَ عَاملا على مَكَّة فِي أَيَّام السفاح وَبَعض أَيَّام الْمَنْصُور. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْحجُون: هُوَ الْجَبَل المشرف الّذي بحذاء مَسْجِد الْبيعَة على شعب الجزارين. (رَاجع مُعْجم الْبلدَانِ) .
[٢] يلجلجه: يديره.
[٣] الجدود: جمع جد، وَهُوَ الْحَظ.
[٤] يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى أَنه بعد موت نابت، وَأمه جرهمية، وَلم يكثر ولد إِسْمَاعِيل، غلبت جرهم على ولَايَة الْبَيْت.
[٥] يعْنى: إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وَذَلِكَ أَنه نكح امْرَأَة من جرهم.
[٦] وَرِوَايَة هَذَا الشّطْر فِي الطَّبَرِيّ:
وصاهرنا من أكْرم النَّاس والدا
[٧] حمير ويحابر: من قبائل الْيمن، وَيُقَال: إِن يحابر هِيَ مُرَاد.
[٨] المشاعر: الْمَوَاضِع الْمَشْهُورَة فِي الْحَج الَّتِي يتعبد بهَا.
[٩] أَرَادَ: العصافير، وَحذف الْيَاء للضَّرُورَة.