للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِيهِ وُحُوشٌ لَا تُرَامُ أَنِيسَةٌ ... إذَا خَرَجَتْ مِنْهُ فَلَيْسَتْ تُغَادِرُ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ «فَأَبْنَاؤُهُ منا» ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَيْضًا يَذْكُرُ بَكْرًا وَغُبْشَانُ، وَسَاكِنِي مَكَّةَ الَّذِينَ خَلَفُوا فِيهَا بَعْدَهُمْ:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ سِيرُوا إنَّ قَصْرَكُمْ [١] ... أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا

حُثُّوا الْمَطِيَّ وَأَرْخُوا مِنْ أَزِمَّتِهَا ... قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَضُّوا مَا تُقِضُّونَا

كُنَّا أُنَاسًا كَمَا كُنْتُمْ فَغَيَّرَنَا ... دَهْرٌ فَأَنْتُمْ كَمَا كُنَّا تَكُونُونَا

[٢] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذَا مَا صَحَّ لَهُ مِنْهَا. وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ: أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ أَوَّلُ شِعْرٍ قِيلَ فِي الْعَرَبِ، وَأَنَّهَا وُجِدَتْ مَكْتُوبَةً فِي حَجَرٍ بِالْيَمَنِ، وَلَمْ يُسَمِّ لِي قَائِلَهَا [٣] .


[١] قصركم: نهايتكم وغايتكم.
[٢] وَزَاد بَعضهم على هَذِه الأبيات:
إِن التفكر لَا يجدي لصَاحبه ... عِنْد البديهة فِي علم لَهُ دونا
فاستخبروا فِي صَنِيع النَّاس قبلكُمْ ... كَمَا استبان طَرِيق عِنْده الهونا
كُنَّا زَمَانا مُلُوك النَّاس قبلكُمْ ... بمسكن فِي حرَام الله مسكونا
[٣] ويروى: أَنه وجد فِي بِئْر بِالْيَمَامَةِ ثَلَاثَة أَحْجَار. فوجدوا فِي حجر من الثَّلَاثَة مَكْتُوبًا هَذِه الأبيات، ووجدوا فِي حجر آخر مَكْتُوبًا:
يَا أَيهَا الْملك الّذي ... بِالْملكِ ساعده زَمَانه
مَا أَنْت أول من علا ... وَعلا شئون النَّاس شانه
أقصر عَلَيْك مراقبا ... فالدهر مخذول أَمَانه
كم من أَشمّ معصب ... بالتاج مرهوب مَكَانَهُ
قد كَانَ ساعده الزَّمَان ... وَكَانَ ذَا خفض جنانه
تجرى الجداول حوله ... للجند مترعة جفانه
قد فاجأته منية ... لم ينجه مِنْهَا اكتنانه
وَتَفَرَّقَتْ أجناده ... عَنهُ وناح بِهِ قيانه
والدهر من يعلق بِهِ ... يطحنه مفترسا جرانه
وَالنَّاس شَتَّى فِي الْهوى ... كالمرء مُخْتَلف بنانه
والصدق أفضل شِيمَة ... والمرء يقْتله لِسَانه
والصمت أسعد للفتى ... وَلَقَد يشرفه بَيَانه
وَوجد بِالْحجرِ الثَّالِث قصيدة على هَذَا النمط كلهَا حكم ومواعظ، ومطلعها: