للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفأرة أو غيرُها، قال: بلغنا أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بفأرةٍ وقعت في سمن فأمر بما قَرُب منها فطُرح ثم أُكِلَ. ثم رواه من طريق مالك كما رواه ابن عيينة بسنده، ولفظه وأما معمر، فاضطرب في سنده، ولفظه، فرواه تارة عن ابن المسيب عن أبي هريرة. وقال فيه: "إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه" وقيل عنه: "وإن كان مائعًا فاستصبحوا به" فاضطرب فيه. وظن طائفة من العلماء أنَّ حديث معمر محفوظ فعملوا به، وممن عمل به: محمد بن يحيى الذهلي فيما جمع من حديث الزهري، وكذلك احتج به أحمد بن حنبل لما أفتى بالفرق بين الجامد والمائع. وكان أحمد يحتج أحيانًا بأحاديث ثم يبين له بعد ذلك أنها معلولة، فيستدل بغيرها. وأما البخاري والترمذي وغيرهما فعللوا حديث معمر، وبينوا غلطه والصواب معهم. فذكر البخاري هنا عن ابن عيينة أنه سمعه من الزهري موارًا لا يرويه إلا عن عبيد الله، وليس فيه قوله: "ألقوها وما حولها وكلوه" وكذلك رواه مالك وغيره، وذكر حديث يونس أن الزهري سئل عن دابة تموت في السمن الجامد وغيره، فأفتى بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرّ بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قَرُبَ منها فطُرح. فهذه فُتيا الزهري في الجامد وغير الجامد، فكيف يكون قد روى في هذا الحديث الفرق بينهما، وهو يحتج على استواء حكم النوعين بالحديث. والزهري أحفظ أهل زمانه حتى يقال له: إنه لا يعرف له غلطة في حديث ولا نسيان، مع أنه لم يكن في زمانه أكثر حديثًا منه. وقد كتبَ عنه أمير المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>