وأما الذنوب التي لم يُنص عليها في آية أو حديث صحيح أنها من الكبائر فكثيرة جداً، وأكثرها قائم على تصور مفاسدها، أو قياسها على الكبائر المنصوص عليها، أو على كل وعيد أو لعن ونحوهما مما نهى الله ورسوله عنه.
[٣ - الفرق بين الكبائر والصغائر]
إذا أراد المسلم معرفة الفرق بين الكبائر والصغائر فليعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها.
فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو زادت عليها فهي من الكبائر.
ولا يمكن ضبط المفاسد والمصالح إلا بالتقريب والموازنة والنظر، فمن سب أو شتم الرب أو الرسول، أو استهان بالرسل، أو كذّب واحداً منهم، أو ضمخ الكعبة بالعذرة، أو ألقى المصحف في القاذورات والمزابل، فهذا من أكبر الكبائر، ولم ينص الشرع على أنه كبيرة.
ومن أمسك مسلماً لمن يقتله، أو امرأة محصنة لمن يزني بها، فهذا لم يُنص عليه، مع أن مفسدته أعظم من مفسدة أكل مال اليتيم، مع كونه من الكبائر.
ومن دل الكفار على عورات المسلمين مع علمه أنهم يقتلون المسلمين، ويَسْبون نساءهم وأطفالهم، ويخربون ديارهم، ويأخذون أموالهم، فهذه المفاسد التي حصلت بفعله أعظم من تولِّيه يوم الزحف مع كونه من الكبائر.
وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم من الكبائر، فإن وقعا في مال كبير فهذا
ظاهر، وإن وقعا في مال حقير فهذا مشكل، لكنْ جُعِل من الكبائر فطاماً