فضيلة الشيء وشرفه يظهر تارة من عموم منفعته .. وتارة من شدة الحاجة إليه .. وتارة من ظهور النقص والشر بفقده .. وتارة من حصول اللذة والسرور بوجوده .. وتارة من كمال وحسن الثمرة المترتبة عليه.
وهذه الجهات بأسرها حاصلة للعلم.
والعلوم غذاء للقلوب، كما أن الأطعمة غذاء للأبدان، والكل متفاوت.
وشرف العلم تابع لشرف المعلوم، فليس العلم بالله وشرعه كالعلم بالتراب والقماش.
فأجلّ العلوم وأشرفها وأفضلها وأحسنها هو العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، بل هو أصل العلوم كلها.
ولا شيء أطيب للعبد ولا ألذ ولا أهنأ ولا أنعم للقلب من معرفة ربه، ومحبة فاطره، ودوام ذكره، والسعي في مرضاته.
ومن أجل هذا خلق الله الخلق .. ولأجله نزل الوحي .. ولأجله أرسل الله الرسل .. وقامت السماوات والأرض .. وخلقت الجنة والنار.
ولا سبيل إلى معرفة ذلك، والمنافسة فيه، إلا من باب العلم، فأعرف الخلق بالله أشدهم حباً له، وتعظيماً له، وطاعة له.
والعلم يفتح الباب العظيم الذي هو سر الخلق والأمر.
قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ