وأعظم ما يسأل العبد ربه إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وأنفع الدعاء طلب العون على مرضاة الله.
فهذا أجلّ المطالب، ونيله أشرف المواهب.
وحتى يستجاب هذا الدعاء، علّمنا الله كيف نسأله.
فأمرنا أن نقدم بين يدي سؤالنا حمد الله، والثناء عليه، وتمجيده، ثم الإقرار بعبوديته وتوحيده، فهذا لا يكاد يرد معه الدعاء كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة:٢ - ٦].
وأمهات مطالب السائلين من رب العالمين أربع:
١ - إما خير موجود: فيُطلب دوامه وثباته، وأن لا يُسْلَبه كالإيمان والأعمال الصالحة.
٢ - وإما خير موعود: فيُطلب حصوله كالوصول إلى الجنة.
هذا ما يتعلق بالخير، أما الشر فنوعان:
١ - شر موجود: فيَطلب من ربه رفعه كالذنوب والسيئات.
والذنوب والسيئات إذا افترقا فمعناهما واحد، وإذا اجتمعا فالمراد بالذنوب الكبائر، والمراد بالسيئات الصغائر.
٢ - شر معدوم: فيَطلب بقاءه على العدم، والنجاة منه كالنار والمصائب.
وقد ذكر الله هذه المطالب كلها في قوله سبحانه: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا