الناس فيما يتعاطون من الأفكار والقناعات الشخصية لا حد لغرابة أقوالهم، فلو نظرنا إلى ما يقوله الناس أو ما يخطر على بال كثير من الخلق في إنكار البدهيات نجد شيئاً عجيباً، فينبغي ألا نلتفت إلى مثل هذه الأمور إلا إذا صارت اعتقاداً ينكر به الحق، أو صار صاحبه داعية إلى مثل هذه الأفكار الخطيرة.
وأنا أعتقد أن إنكار الرؤى مكابرة للعقل، قبل أن يكون مصادمة للشرع، فمن الذي يستطيع أن يدّعي أن الناس لا يرون رؤى، أو يحجر على الناس أن يروا رؤى؟ وما من أحد من الخلق غالباً إلا ويكون رأى رؤيا أو أكثر، ومن لم ير فإنه يسمع ويدرك تواتر هذا الأمر عند الناس، فإنكار الرؤيا نوع من المكابرة أو الجهل، وربما يكون ناتجاً عند بعض الناشئين لعدم الخبرة بذلك من ناحية الحكم الشرعي، فإذا كان أنكر أن يوجد رؤى أخبر الله بها أو أخبر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، أو يُنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هناك شيئاً اسمه الرؤيا فهذا لا شك أنه مصادم للنص، وضلال مبين ربما يُخرج صاحبه من الإسلام، أما إذا كان ناتجاً عن تقصير وقصور، وعدم معرفة للنص، أو عدم معرفة للدليل فهذه أمراض تعالج بالنصيحة وإقامة الحجة وبيان الحق للناس، ولا نستعجل تجاه مثل هذه الأفكار الغريبة؛ لأنها قد تكون ناشئة عن جهل وعدم تجربة، فالمهم أنه لا يمكن أن يقول عاقل بإنكار الرؤيا.