إن عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة نظراً لأنها تمثل الإسلام بمصادره ومنهجه الإسلام الحق، فهي التي تحقق الأمن والسعادة في الدارين لأفراد الأمة ومجموعاتها، والله عز وجل يقول:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ}[الأنعام:٨٢]، والأمن ليس فقط الأمن الظاهري وإن كان مقصوداً شرعاً، لكن الأمن الباطني هو مرتكز الأمن أمن القلوب وأمن النفوس وأمن العقول، ولذلك جاء الدين بحفظ الضروريات الخمس التي لا يمكن أن تحفظ إلا بالأمن، فقد جاء بحفظ الدين، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وهذه الأمور لا يمكن أن تقوم إلا على أساس الدين، وتحقيق الأمن والسعادة في الدارين.
ولذلك فإن مما ينبغي أن يتنبه له المسلمون جميعاً في ظل الظروف القاسية التي تعيشها الأمة، وفي ظل الأحداث المؤلمة، وفي ظل الوهن والضعف والتفلت والفرقة، يجب أن نذكر المسلمين بأنه لا يمكن أن يستقيم لهم أمر ولا يعتزوا وينتصروا ولا يجتمع شملهم، ولا يخذل عدوهم إلا باستقامة العقيدة، بل لا يمكن أن تزدهر لهم مدنية وحضارة على وجه كامل إلا باستقامة العقيدة، والأمم الأخرى قد يعطيهم الله الحياة الدنيا، أي أمة من الأمم غير المسلمة قد تزدهر دنياها، وقد تملك حضارة مدنية، حتى لو لم تلتزم بشرع الله؛ لأن الله عز وجل تكفل للكفار بأن يعطيهم حظهم من الحياة الدنيا وليس لهم في الآخرة من نصيب، لكن المسلمين عزهم، واجتماعهم، ونصرهم ووحدتهم لا يمكن أن تكون إلا بالاجتماع على المعتقد الذي جعله الله عز وجل أصل الاجتماع وهو المعتقد السلفي.
فالسنة والجماعة تعني الإسلام نفسه في مصادره وأصوله وقواعده وأحكامه، فليست السنة والجماعة فرقة ولا مذهباً ولا حزباً، بل هي الدين الذي ارتضاه الله لعباده، ولذلك يجب التنبيه إلى ما يقع فيه بعض الجهلة من المنتسبين للسنة، من رفع السنة شعاراً أو انتماءات يكون عليها تعصب أو ولاء وبراء على أمور خلافية، وهذا مما تسبب في تشويه صورة السنة والجماعة عند كثير من المسلمن وغير المسلمين، فوجود طائفة ممن لا يعرفون هذا الأصل قد يتحزبون وقد يتكتلون تكتلات غير مشروعة تحت شعار السنة والجماعة، والسنة والجماعة إنما هو منهج أمة ينتمي إليه كل من سلكه دون أن يكون هناك تعصب لأفراد ولا لأصول يصنعها الناس ولا لتنظيمات ولا لتجمعات، فهو الدين الحق، والدين الحق يشمل كل من اعتنقه بدون أي وسيط.
فأهل السنة والجماعة هم الذين التزموا نهج النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة من المسلمين، وبقية الفرق تبقى تحت مسمى الإسلام ومسمى المسلمين، لا لأن الإسلام ينقسم، لكن لأن المسلمين انقسموا على الإسلام، وانقسموا حوله، والإسلام لا ينقسم، ولأن الذين خرجوا عن السنة كان خروجهم ليس خروج ردة، فبقوا تحت مسمى الإسلام، لكنهم بأوصاف أخرى، والفرق معروفة ووصفت قديماً وحديثاً بأوصاف عامة، مثل: أهل الأهواء أهل البدع أهل الافتراق، فيبقون تحت مسمى الإسلام والمسلمين، وعلى هذا ليس كل المسلمين على السنة إلا من التزم هذا المنهج.
وأغلب عوام المسلمين الذين لم يتلبسوا بالبدع، ولم يكن عندهم اعتقادات باطلة، بقوا على الفطرة والسلامة، فالأصل فيهم أنهم أهل السنة والجماعة حتى ولو لم يعرفوا ذلك، ولو لم يعلنوا ذلك، أو حتى ولو انتموا لبعض الفرق مجرد انتماء، وإن كان الانتماء بدعة، لكنها زلة لا تخرج الإنسان من السنة، فأغلبية عوام المسلمين نظراً لأنهم ليسوا أهل بدع في اعتقاداتهم ولا عندهم أيضاً تأصيل للبدع، تبعيتهم تبعية غير بصيرة، وأيضاً لا يمارسون البدع العملية الكثيرة، وأغلبيتهم إن شاء الله يدخلون في مسمى السنة والجماعة.