الحكم على المعين بالكفر إذا حكم بغير ما أنزل الله، نريد ذكر شروط تكفيره، أو ضوابط الحكم بغير ما أنزل الله؟
الجواب
هذا من القضايا الشائكة اليوم، فإن مشايخنا وعلماءنا يكادون يتفقون على بعض المجملات في تأصيل الحكم بغير ما أنزل الله والحكم على الآخرين، والحكم بغير ما أنزل الله في أصله ضلال، وقد يكون كفراً مخرجاً، وقد يكون كفراً غير مخرج، وقد يكون معصية وقد يكون فسقاً فنفرق أولاً بين الحكم الجزئي والحكم الكلي: فالذي يحكم بغير ما أنزل الله إن وضع نظاماً أو دستوراً يحكم به بغير ما أنزل الله فهذا كفر.
لكن ينبغي أن ننظر في حاله، وسواء كان شخصاً أو دولة أو نظاماً أو هيئة أو مؤسسة أو فرقة أو جماعة، فإن كان فعل ذلك جهلاً فيدفع عنه الكفر حتى يعمل تجاهه الراسخون في العلم ما يجب، وإذا ما عملوا تجاهه فلا يجب علينا نحن أفراد الأمة أن نفتات وأن نطلق الأحكام، بل يجب على العلماء أن يقيموا الحجة على هؤلاء الذين يعملون هذه الأمور ويستبينوا من حالهم.
وفي الحقيقة يبدو لي أن الكثيرين ممن يقعون في الحكم بغير ما أنزل الله أحياناً ليس هذا بإرادتهم، لأنهم أحياناً يأتون إلى حادثة نظام معين وضع لها دستور أيام الاحتلال الغربي لبلاد المسلمين، لأنه في تلك الأيام وضعت أنظمة تحكم بغير ما أنزل الله، فجاء حكام يرثون هذه النظم وقد يكون بعضهم يكره الحكم بغير ما أنزل الله، ورأينا من بعضهم محاولات جادة كما كان من ضياء الحق وغيره في العودة إلى حكم الله، لكن ترده قوى كثيرة، وربما يؤدي عمله إلى مفاسد عظمى تفسد أمن البلاد وتوقعه في كوارث.
ولست بهذا الكلام أعتذر لمن يخطئون، لكن يجب أن نحتاط في ديننا عند الحكم على العباد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر! فقد باء بها أحدهما).
فالإكراه والتأول والجهل والتباس الأمر، كل هذه موانع من تكفير المعين، ومع ذلك يبقى الواجب على الأمة أن تصل إلى نتائج في هذه الأمور ليقضى على النزاع.