للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حقيقة الكلام بحرف وصوت]

قال المؤلف حفظه الله تعالى: [ثانياً: الله تعالى يتكلم بما شاء، متى شاء، كيف شاء، وكلامه تعالى حقيقة بحرف وصوت، والكيفية لا نعلمها، ولا نخوض فيها].

الشرح: كلام الله عز وجل متعلق بمشيئته، فمتى شاء تكلم سبحانه على ما يليق بجلاله.

وأيضاً: كيفية كلامه لا نعلمها، وكلامه تعالى حقيقة ليس مجازاً ولا تمثيلاً ولا غير ذلك مما يتوهمه متوهم أو يتخيله متخيل، فهو حقيقة لا كالحقائق المعلومة عند الناس، وبعض الناس يظن أن معنى حقيقة أنه كالحقائق التي نعلمها وهذا غلط، لأن حقيقته أعظم من الحقائق التي ندركها بمداركنا وبحواسنا، فمن هنا فأفعال الله لا يمكن أن تدرك بالحواس، و (حقيقتها) بمعنى أنها حق على ما يليق بجلال الله سبحانه، ولا يعني بالحقيقة المعدومة التي ترد إلى الناس من خلال تجاربهم المادية أو وسائل العلم الحديث، أو المدارك والحواس التي هي في متناول البشر.

فحقائق صفات الله فوق متناول البشر، بل هي حقائق لائقة بالله سبحانه وتعالى.

وقوله: (والكيفية لا نعلمها ولا نخوض فيها) أي: أنه من الإثم أن نتكلم عنها بأكثر مما ورد في الكتاب والسنة، فلا يقال: كيف؟ ولا يقال: لماذا؟ ولا تفترض الأسئلة والإجابة عليها بمجرد افتراضات، ولذلك كان السلف قبل أن تنشأ البدع والأهواء والكلام لا يتصورون أن مسلماً يسأل عن مثل هذه الأمور مجرد سؤال؛ لأن الأمة كانت على الفطرة، وكان الناس يتهيبون الكلام في الله عز وجل بأكثر مما ورد في الكتاب والسنة، ولذلك حينما سئل الإمام مالك عن كيفية بعض صفات الله عز وجل أُصيب بشيء من القشعريرة من تعظيمه لله سبحانه وتعالى، وأصيب بالذهول من هذا السؤال المفاجئ الذي لا يليق بالله، وعلته الرحضاء، وكاد أن يغشى عليه من هول السؤال، كيف يجرؤ المسلم أن يسأل عن كيفية الصفة لله عز وجل.

وحينما يسأل أحد عن الله عز وجل كيف استوى؟ هذا أمر عظيم، لأن هذا أمر غيبي، كيف تسأل عن كيفية الاستواء وأنت تدري وتجزم أن الكيفية لا يعقلها أحد؟ إذاً: السؤال هو تطاول على حق الله وسوء أدب وطمع في إدراك ما لا يُدرك من أمر الغيب، ومثله السؤال عن كيفية كلام الله، ولذلك حينما سئل الإمام مالك استعظم الأمر واقشعر جلده من تعظيم الله عز وجل وعلته الرحضاء، فلما أفاق قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً ثم أمر به وأخرج؛ لأنه فتح باب فتنة على المسلمين كسؤال الأمر الغيبي فيما يتعلق بالله عز وجل وبصفات الغيب.

ومن هنا فإن مجرد إنشاء

السؤال

كيف يتكلم الله؟ هذا بدعة وسوء أدب مع الله، كيف تكلم بالقرآن؟ كذلك بدعة وسوء أدب مع الله عز وجل فيجب على المسلم أن يكف عن السؤال في الغيبيات وعما لا يدخل في ظواهر النصوص وقواعدها المقررة عند السلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>