قوله:(لا تجوز الصلاة خلف من يظهر البدعة) لكنها تصح، وأكثر الناس لا يفرق بين كلمة:(لا تجوز) وبين كلمة: (لا تصح).
فقولنا:(لا تجوز) مثل الراجح في الصلاة في الأرض المغصوبة، يقال: لا تجوز الصلاة في الأرض المغصوبة، لكن لا يعني أنها لا تصح بل تصح على الراجح، فكذلك الصلاة خلف من يظهر البدعة أو الفجور من المسلمين لا تجوز، إلا إذا لم يمكن الصلاة خلف غيره، فإذا كان أمامك إمام صاحب بدعة وآخر ليس صاحب بدعة، ولا يترتب على ترك المبتدع فتنة ولا مفسدة؛ فيجب أن تصلي خلف الأسلم، لكن لا يعني ذلك أنك لو صليت خلف المبتدع أنها لا تصح صلاتك، بل تصح ما دام مسلماً، وإن كان مبتدعاً أو صاحب هوى أو فرقة كما هو معروف.
إذاً: لا تجوز الصلاة خلف من يظهر البدعة أو الفجور من المسلمين مع إمكانها خلف غيره، أما إذا لم تمكن؛ فإنه لا بأس بها، وإن وقعت صحت ويأثم فاعلها، إلا إذا قصد دفع مفسدة أعظم.
مثال ذلك: إذا كان الإمام المبتدع سلطان المسلمين، فتصلي خلفه؛ ولذلك كان الإمام أحمد أيام المحنة والمأمون ليس مبتدعاً فقط، بل كان داعية إلى بدعته، وكان يفرض البدعة بقوة السلطان، ومع ذلك كان الإمام أحمد يصلي خلفه؛ لأن ترك الصلاة خلفه يؤدي إلى مفسدة أعظم، لأن حدثاء الأسنان لو ما صلى الإمام أحمد خلف المأمون لكفروا المأمون وخرجوا عليه، فهذا فقه يجب أن يعلمه الناس ويفقهه طلاب العلم خاصة.
فإن لم يوجد إلا مثله أو شرٌّ منه جازت خلفه، ولا يجوز ترك الجماعة بمعاذير أن في الأئمة أخطاء أو بدعاً أو فسقاً أو نحو ذلك.
وقوله:(من حكم) بكفره كفر ردة (فلا تصح الصلاة خلفه) لكن من الذي يحكم بأن فلاناً من الناس كفر كفراً يوقعه في الردة إلا العلماء، وإلا فإذا فتحنا هذا الباب لكل إنسان حتى وإن كان طالب علم وقعت فتنة، لأن الناس تختلف اجتهاداتهم، إذاً: فالأمر عظيم.