للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخوف الذي يصل بالإنسان إلى الموت]

السؤال

أنا امرأة مستقيمة إن شاء الله، لكن أحياناً يحصل لي من الخوف ما يكاد يتفطر له قلبي، بل إنه يرتفع عندي الضغط لدرجة أكاد أن أموت، فعندما أتذكر القبر والبعث والنشور يحصل لي خوف شديد، وتعالجت وقالوا لي: يمكن هذا رهب، ثم قال لي الدكتور في آخر مرة دخلت المستشفى: ما عندك مشكلة نفسية، بل هذه صفة شخصية، وحاولي أن تتغلبي عليها بطرق سلوكية، والآن أريد كتباًَ أقرأ فيها، وأنا الآن أقرأ في كتاب أسماء الله الحسنى من القرآن الكريم والحديث الصحيح بمعانيها للدكتور زين محمد شحاتة، وعلق عليه الدكتور محمود جزاه الله خيراً، وأقرأ في كتاب فتح المجيد لكني أريد كتباً تدخل الطمأنينة على قلبي، وأقرأ في القرآن ولله الحمد، وأقرأ في تفسير ابن سعدي، وأنا معلمة قرآن، ولكن إذا جاءني هذا الخوف يخرب علي نفسيتي؟

الجواب

هذه حالة قد ينفرد بها بعض الناس دون غيره، والحالة الطبيعية للإنسان السوي والذي امتلأ قلبه بالإيمان بالله عز وجل وتقواه والإنابة إليه لا شك أنه يخشى الله عز وجل ويخافه ويقشعر جلده، لكن لا بد أن يلين جلده كما ذكر الله تعالى في وصف المؤمنين، يلين إلى الطمأنينة والرضا بالله عز وجل، أما إذا استمر الخوف فهو وضع يخرج عن الطبيعي، ولذلك كان متأخرو الصحابة رضي الله عنهم لما ظهرت في آخر عهدهم بعض مظاهر العباد الجهلة الذين يغشون عند سماع القرآن والمواعظ، ويحصل لهم حالات غير طبيعية أشبه بالحالات الهستيرية، ويكون منهم صراخ، وبعضهم يموت أنكر عليهم الصحابة لأن كون المؤمن يخشع قلبه ويقشعر جلده من خشية الله هذا أمر طبيعي، لكن أن يستمر معه إلى خوف يؤدي إلى الفزع؛ فالمؤمن لا يفزع من ربه.

فمثل ما قال لك الأطباء: هذا وضع يحتاج إلى علاج بالرقى وبالأسباب الشرعية ولا مانع، بل يجب عليك -إذا استمر هذا- أن تراجعي عيادة نفسية، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (تداووا عباد الله)، وبعض الناس تأخذه بعض المفاهيم الخاطئة في أن مراجعة العيادات النفسية ضعف في الإيمان، وهذا ليس صحيحاً، بل كثير من المؤمنين يقع عنده شيء من الرهب والوسواس القهري وغيره مما يمنعه من أداء العبادة؛ فيجب عليه شرعاً أن يراجع طبيباً من أجل أن يبقى سوياً يعبد الله عز وجل على منهج سوي؛ لأن كثيراً من الذين عندهم هذه الحالات سواء كانت شديدة أو خفيفة تمنعهم من أداء كثير من العبادات والواجبات الشرعية والواجبات تجاه الخلق.

فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فالواجب مراجعة عيادة؛ لأن هذه أمور تعالج بالأدوية مع العلاج الشرعي بالرقى والأسباب الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>