عندما نجد كثرة توسع الناس في الرؤى حتى أن هناك من يتساهل في السؤال عنها، ونجد من يأولها ويتساهل في التأويل أو ربما يتوسع توسعاً غير مرغوب من تحديد الموعد في حصول الرؤيا أو بالزمن أو وصفها والتأكد أو الجزم بتحققها، ونجد على نقيضهم من يرد أو يقفل باب السؤال عن الرؤى بحجة سد الذرائع؟
الجواب
ما يتعلق بالرؤيا سواء إفراط الناس أو تفريطهم منها وسواء الذين يرون الرؤى ويسألون عنها، أو الذين يتصدون للرؤى ويفسرونها فمن الظواهر غير المرغوب فيها والتي هي من جملة ظواهر ظهرت في مجتمعنا في العصر الحاضر وكثر التعلق بالأحلام والرؤى والسؤال عنها، وكذلك كثرة تصدي عدد من طلاب العلم للرؤى بشكل يخرج عن الاعتدال وهذا من الظواهر التي استجدت في مجتمعات المسلمين في العصر الحاضر في عموم الأمة الإسلامية وفي جميع أقطار الدنيا، وذلك ناتج عن عدة عوامل، منها: ما طرأ على المسلمين من المؤثرات في أفكارهم وفي عقولهم وفي عقائدهم ومعلوماتهم، وهذه الثورة والطفرة المعلوماتية غير المرشدة والتي نتج عنها قسوة القلوب وقلة الورع، ونتج عنها تشويش الناس وكثرة الشبهات، أو اضطراب في العقيدة لاضطراب في الدين وهذه ظواهر معلومة، ومسألة الرؤى ضمن هذه المنظومة التي أثرت في المسلمين اليوم، فهناك إسراف أو تقصير أو إفراط أو تفريط في مسألة الرؤى.
وبالنسبة للرائين لا مانع أن الإنسان إذا رأى حلماً يرى له وقعاً في نفسه أن يسأل عنه، لكن يجب أن يتذكر أدب النبي صلى الله عليه وسلم الذي رسمه لنا في هذا الباب، فقد ذكر أن الإنسان إذا رأى ما يكره أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولينفث على يساره، وفي لفظ آخر:(فليستعذ بالله منها ثلاثاً وينفث على يساره فإنها لا تضره) ولو عمل أكثر المسلمين بهذا المبدأ لاستراحت قلوبهم وما تعلقوا بالأحلام، وإذا رأيت شيئاً يزعجك فاعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم وكن على يقين بأنها لا تضرك، وإن رأى ما يحب فليبشر خيراً بدون أن يسأل، إذا كانت مبشرة فليتفاءل منها بدون أن يسأل ولا يخبر إلا صديقاً.
والنبي صلى الله عليه وسلم قسّم الرؤى وجعل منها ما هو من عبث الشيطان، وهذا بالنسبة للرائين، أرى أن يتثبتوا ولا يكثروا من السؤال ولا تتعلق قلوبهم؛ لأن الله عز وجل يتولاهم وليحسنوا الظن بالله، وكذلك بالنسبة لمفسّري الأحلام عليهم أن يتقوا الله في الناس، أرى أنهم زادوا في الحد.
أولاً: لا يُعرف في تاريخ السلف أن أحداً من الناس جعل عمله ومهنته في تفسير الأحلام، فهذا خطأ.
ثانياً: ينبغي أن يأخذوا الأمور بقدر ولا يبالغوا مع الناس.