ألاحظ أن معتقدنا أهل السنة في القدر يلتقي في النهاية مع العقيدة الجبرية، فأنا لا ألحظ فرقاً كبيراً مع الجبرية، وأرى أن المهم في قضية القدر أن الإنسان لا يستطيع أن يحتج بالقدر على المعاصي؛ لأنه ليس عنده علم مسبق لما قدره الله عليه؟
الجواب
هذه من المعادلة الصعبة، وربما يكون الأخ لم يفهم معنى الجبرية، وإلا فالأولى أن يبتعد عن البحوث التي ليس لها اهتمام، ولأن هذه من المعضلات، والأصل أن المسلم لا يتعرض لها إلا للضرورة، فأرجو ألا يكون له ضرورة، فلذلك أقول: لا يمكن أن يلتقي منهج أهل السنة والجماعة مع الجبرية؛ لأن الجبرية يرون أن الإنسان لا إرادة له، وليس مجبولاً على القدرة في الخير ولا على القدرة في الشر، وأنه يسير بقوانين كالقدرية العامة، فالجبرية لا يلتقون مع أهل السنة إلا في جوانب جزئية لا تعتبر مما عليه الخلاف أصلاً، أما ما عليه الخلاف بيننا وبين الجبرية فلا يلتقي منهج الجبرية بمنهج السنة؛ لأن منهج السنة يعتمد على أن كل شيء بإرادة الله، لكن الله عز وجل وهب للإنسان إرادة خاصة جبله عليها، على مقتضى الفطرة، فقد جبل الله الإنسان على أن يميل إلى الخير ويفعله وأقدره عليه، وينفر من الشر ويفعله وأقدره عليه، وهذه الجبلة هي الفارق بيننا وبين الجبرية.
كما أن الجبرية يرون أن الإنسان ما دام مجبوراً بزعمهم وأنه لا إرادة له ولا حرية فله أن يفعل ويترك، فبذلك يقولون: هو غير محاسب، فعلى هذا يرون الاستهانة بالشرع ما دام أن الإنسان مجبور.
وهناك نوع من الجبر ويسمى الكسب عند بعض الأشاعرة، وهذا أمره أيسر وليس هو المقصود بالجبرية المطلقة.