ما حكم من يحتفل بالمولد النبوي متتبعاً لعلماء البلد الذي يعيش فيه؟
الجواب
قضية المولد من القضايا الكبرى بين السنة وخصومها، وأيضاً بين السنة وكثير من جهلة المسلمين.
وهذه المسألة تخضع لقاعدة شرعية ومن سلم بها استراح من هذه البدعة ونحوها؛ وهي أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم تكون باتباعه، وبالتزام سنته صلى الله عليه وسلم، وتكون أيضاًً بمحبته في ذاته صلى الله عليه وسلم بأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إلى المسلم من نفسه وولده وماله والناس أجمعين، ثم يتبع ذلك باتباع السنة، فليس من السنة الموالد، لا سيما أن المولد متعلق بحق النبي صلى الله عليه وسلم، وحق النبي صلى الله عليه وسلم دين، إذاً: فالمولد بدعة في الدين؛ لأن بعضهم يقول: هذه بدعة عادية واحتفال عادٍ، فهي لا تعدو -بدعة المولد- أحد أمرين: إما أن تكون من باب الاعتياد؛ فهي عيد والعيد لا يجوز منه إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، والنبي صلى الله عليه وسلم نص على ذلك في حديث الأنصار لما طلبوا منه أن يعيدوا بأعياد كانت لهم في الجاهلية، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها وحصرهم بعيدين: عيد الأضحى وعيد الفطر، فإن سمي عيداً فهو بدعة.
وإن تعلق بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وحقه؛ فهو أيضاً عبادة، ولا يجوز إنشاء عبادة لم يشرعها الله ولم يشرعها رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء الذين يفعلون المولد إن كان منطلق الكثير منهم -وهو الحاصل- محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهم يؤجرون على المحبة، لكن يأثمون على البدعة، وربما يمحق الله أعمالهم بسبب أنهم علقوا الرسول صلى الله عليه وسلم ببدعة هو يكرهها، وربما لو بعث لقاتلهم عليها؛ لأنهم أساءوا إليه صلى الله عليه وسلم، فهم يؤجرون على محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذه محبة الغشيم، فهم تعدوا حدود المعقول وحدود المشروع؛ فهي بدعة، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وما يحسم هذا إلا التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم، وقول ابن عباس:(يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول لكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر) فقد خشي ابن عباس على الأمة أن تعاقب، من أخذ بعضهم بأقوال الصحابة وترك قول النبي صلى الله عليه وسلم.
فكذلك المسلمون الذين يعملون بهذه البدع نقول لهم: اتقوا الله! ما عندكم على هذا دليل، بل هذا بدعة محضة من جميع المقاييس.
ثم هل أنتم تحتفلون بولادته أو بموته؟ هما في يوم واحد، كلها في الثاني عشر من ربيع أو التاسع من نفس الشهر، فهذا تناقض.
وعلى أي الأحوال أرى -على ضوء قواعد الشرع- أن هذه بدعة، ويجب على المسلم تجنبها، وإن فعلها الناس برفق أيضاً؛ لأن الناس يظنون أن من ينصحهم فإنه يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا باطل.