ما حكم ما تقوم به بعض معلمات القرآن من تعليم الصغيرات القرآن وتحفيظهن السور بعمل بعض الحركات، مثلاً:{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا}[الشمس:٥] تقوم بالإشارة إلى الأعلى، {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}[الشمس:٦] تشير إلى الأسفل، وهكذا، وهل في هذا احترام وتعظيم للقرآن، حيث أصبح يتلى وكأنه نشيد مصاحباً للحركات اليدوية؟
الجواب
هذا فيه تفصيل وفيه نظر في الجملة، وفيه نوع تحفظ شرعاً، لكن ومع ذلك فإن كانت هذه الحركات عارضة بدون قصد من المعلمة، كأن تعودت بعض المعلمات وكذلك بعض المعلمين أن يستعمل حركات كوسيلة إضافية دون أن يشعر بأنه يطبق أمراً غيبياً، فهذا الأمر إن شاء الله لا حرج فيه لكن إذا كان هذا منهجاً وأسلوباً يلتزم في تعليم القرآن، فأظن أن فيه خطورة؛ لأن كثيراً من الأمور التي ورد ذكرها في القرآن هي أمور غيبية.
فهذا إذا ما تعلق بالأمور الغيبية فأقل أحواله أنه مشتبه، والأولى الابتعاد عنه، أما إذا تعلقت الإشارة بأمر غيبي مثل الإشارة إلى أسماء الله عز وجل وصفاته بالإشارات المادية التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم فهذا خطير في الدين، فيجب تجنبه، وكذلك أمور الغيب الأخرى، مثل: أحوال القبر، والبعث والحساب، والجنة والنار، كل هذه لا يجوز تمثيلها بحركات أو بوسائل مادية ولا بصور.
ومن هنا أنبه إلى ما يقع فيه بعض الذين يستخدمون بعض وسائل الوعظ، في التخويف من النار، أو الوعيد بالجنة، أو التخويف من بعض المعاصي باستعمال صور، كأن تصور الجنة على هيئة معينة، والنار على هيئة معينة، أو عذاب القبر، أو نعيم القبر، كل هذا لا يجوز، بل يجب سده؛ لأنه باب فتنة يمثل الغيبيات على أمور محسوسة تنطبع في أذهان الأجيال، فيقعون في أخطار فادحة في الاعتقادات، وهذا ما وقعت فيه الأمم السابقة.
لأن الأمم السابقة مثلوا الملائكة بنساء جميلات، فتفهمت أجيال منهم أن الملائكة إناثاً، وإن كان هذا جاء على سبيل مجرد وسائل إيضاح في البداية والله أعلم، كذلك مثلوا كثيراً من الغيبيات بأمثلة وصور فربطوا هذا بتقديس الغيبيات.
فالأمر خطير وأرى أن نبتعد عن مثل هذه الوسائل خاصة في تعليم القرآن إلا ما يأتي من غير قصد في غير تمثيل الغيبيات.