للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهم خصائص أهل السنة والجماعة وسماتهم]

قال المؤلف حفظه الله تعالى: [أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وهم على تفاوتهم فيما بينهم لهم خصائص وسمات تميزهم عن غيرهم، منها: أولاً: الاهتمام بكتاب الله حفظاً وتلاوة وتفسيراً، والاهتمام بالحديث معرفة وفهماً وتمييزاً لصحيحه من سقيمه؛ لأنهما مصدر التلقي مع إتباع العلم بالعمل.

ثانياً: الدخول في الدين كله والإيمان بالكتاب كله، فيؤمنون بنصوص الوعد ونصوص الوعيد، وبنصوص الإثبات للصفات، ونصوص التنزيه، ويجمعون بين الإيمان بقدر الله، وإثبات إرادة العبد ومشيئته وفعله، كما يجمعون بين العلم والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين العمل بالأسباب والزهد.

ثالثاً: الاتباع وترك الابتداع، والاجتماع ونبذ الفرقة والاختلاف في الدين.

رابعاً: الاقتداء والاهتداء بأئمة الهدى العدول، المقتدى بهم في العلم والعلم والدعوة -الصحابة ومن سار على نهجهم- ومجانبة من خالف سبيلهم.

خامساً: التوسط؛ فهم في الاعتقاد وسط بين فرق الغلو وفرق التفريط، وهم في الأعمال والسلوك وسط بين المفرطين والمفرطين.

سادساً: الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق، وتوحيد صفوفهم على التوحيد والاتباع، وإبعاد كل أسباب النزاع والخلاف بينهم.

ومن هنا لا يتميزون على الأمة في أصول الدين باسم سوى السنة والجماعة، ولا يوالون ولا يعادون على رابطة سوى الإسلام والسنة].

هذه الأمور تحتاج إلى تأكيد في قلوب المسلمين اليوم وقبل أن أبدأ بذكر هذه الخصائص لا بد من الإشارة إلى أمر مهم هو وسيلة إلى فهم الفقرات التالية في تطبيقاتها، وهو: أن المنتسبين للسنة والجماعة قديماً وحديثاً وفي هذا العصر منهم من يتسمى بالسلفية، والسلفية وصف حق، ولكن هناك من المنتسبين إلى السنة والجماعة من تقع منهم تجاوزات وأخطاء وزلات، سواء فيما يتعلق بالأمور العقدية أو العلمية، أو في التعامل وهو محك الاختبار وهؤلاء هم قلة ولكن مع ذلك فإن الناس عندما يرون هذه التصرفات والزلات تصدر منهم يكون عندهم تشويش في فهم هذه الخصائص التي سأذكرها.

قد يقع من المنتسبين للسنة أفراداً أو بعض الفئات خاصة في هذا العصر تصدر منهم تجاوزات وزلات مخالفة، خاصة في التعامل مع الآخرين، فبعضهم عنده شيء من الحمق أو العدوانية أو تجاوز الحق.

لكن لا نحسب هذا على منهج أهل السنة والجماعة.

فإذا قلنا: منهج أهل السنة والجماعة هو منهج الحق المعصوم من الخطأ في جملته وليس في أفراده، فكيف ننسب له هذه الزلات ثم نعتذر عنها؟ فعلى طلاب العلم خاصة والدعاة منهم إلى أن لا يشغلوا أنفسهم عندما يوجد من يحتج على أهل السنة والجماعة بتجاوزات بعض الأفراد فلا يشغلوا أنفسهم بإثبات أن أهل السنة على غير ذلك، بل لا بد أن يبينوا أمراً بيناً واضحاً، وهو أن هذه التصرفات شخصية فردية ترجع إلى فاعليها وأنها ليست المنهج، وأن الأدلة القطعية قائمة على أن المنهج ليس هو ما عليه أصحاب هذه الزلات، إنما أصحاب الأهواء والافتراق والبدع والجاهلين أيضاً ينتقون انتقاءً غير عادل، فيلتقطون زلات علماء سواء في أقوالهم أو أفعالهم أو تصرفاتهم، أو زلات وتجاوزات أناس من شباب الأمة أو دعاتها أخطئوا، فيجعلون هذه الأخطاء وكأنها هي منهج أهل السنة والجماعة، ويقولون: أنتم فعلتم وقلتم، نعم.

نحن بشر نخطئ، لكن نحن نحاكمكم إلى منهج قائم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونهج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله وتقريره ونهج السلف وهم الصحابة والتابعون لهم إلى قيام الساعة، هذه هي الأصول والثوابت، أما أن تقع أخطاء وتجاوزات منا؛ فنسأل الله أن يعفو عنا، ولا تحسب تجاوزاتنا أو تجاوزات بعضنا على المنهج الذي ندين به.

وهذه قاعدة في جميع المبادئ، لا تظنوها في أهل السنة أو في الإسلام أو في غيره فقط، كل مبدأ من المبادئ في الدنيا، وكل دستور ونظام يوجد من أتباعه من يخالفه، فهل يحسب هذا المخالف على النظام أو المبدأ؟ وقوله: (أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وهم على تفاوتهم فيما بينهم لهم خصائص وسمات تميزهم عن غيرهم) وقولنا: هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ليست هذه دعوى ندعيها لأنفسنا؛ بل هي أصل شرعي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الافتراق ذكر أن الناجية فرقة واحدة، ولما ذكر الطوائف التي خرجت عن السنة، ووصف الذين لا يزالون على الحق، وصفهم بأنهم طائفة: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين)، إذاً: هم الطائفة الظاهرة، ومنصورة أيضاً كما جاء ذكر النصر في نصوص أخرى، فهذه أوصاف شرعية.

ويؤسفني أني لا أزال أسمع من بعض المنتسبين إلى السنة، بخلاف غيرهم الذي يكون منهم عدوان أو جهل أو تجاهل، لكن ممن ينتسبون للسنة ممن يسخر أحياناً بهذه المفاهيم الشرعية، ويدعي أن هذا نوع من الحجر وعدم اعتبار الرأي الآخر، والرأي الآخر يجب أن نحترمه إذا كان اجتهادياً، نحن ندين الله باحترام الرأي الآخر ما دام في مجال الاجتهاد وأمور الدنيا والأمور العلمية والنظريات التي تخضع للر

<<  <  ج: ص:  >  >>