ومن المصطلحات المهمة في هذا الباب: السنة والجماعة أو أهل السنة والجماعة، وهذه المسألة من المسائل المستفيضة عند كثير من الناس، ويسمع بها أغلب المسلمين، لكن قد لا يفهم حقيقتها الكثيرون، ونحتاج إلى أن نقف على معناها.
أهل السنة والجماعة: هم كل من كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعون وأئمة الهدى، أي: من كان على السنة فهو من أهل السنة.
وسموا أهل السنة لاستمساكهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنهم أخذوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الأهواء والافتراق، قال:(فعليكم بسنتي)؛ فسموا أهل السنة لأنهم أخذوا بهذه الوصية، وكذلك لاتباعهم نهج السنة على جهة العموم.
وكذلك وصف الجماعة؛ وهي غالباً ما تقرن بالسنة، فيقال: السنة والجماعة.
فالسنة منهج، والجماعة كيان، والكيان: هم جماعة المسلمين الذين استمسكوا بالسنة وأخذوا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا السنة، وعلى هذا فإنهم وصفوا بالجماعة؛ لأنهم أخذوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(عليكم بالجماعة) ولأنهم اجتمعوا على الحق وأجمعوا عليه، واجتمعوا على الأصول الكبرى والمعاني العظمى ومسلمات الدين وثوابتها، وعلى مصالح الأمة العظمى، كبيعة إمام السمع والطاعة للوالي بالمعروف، وغير ذلك من المصالح العظمى فهم يجتمعون عليها، كما اجتمعوا على المصالح واجتمعوا على ما عليه سلف الأمة، والتزموا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة.
وعلى هذا فإن وصف السنة والجماعة ليس شعاراً، ولا حزباً ولا مذهباً، بل هو وصف شرعي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذين يدعون العلم والتعالم ثم يطعنون في مفهوم السنة والجماعة ويزعمون أن هذا تحزب، أو يظنون أن هذا من صنع العلماء أو من صنع السلف، وأنهم اخترعوه ليميزوا أنفسهم عن غيرهم، فهذا خطأ فادح، والحق أن وصف السنة والجماعة وأهل السنة والجماعة وصف شرعي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، حين ذكر الافتراق وحذر منه وذكر الفتن والاختلاف، قال:(إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي)، وهذا إذا وجد الاختلاف.
فمع الاختلاف هؤلاء تمسكوا بالسنة هم أهل السنة الذين أخذوا بالوصية، فهذا وصف شرعي.
كذلك الجماعة، لما ذكر السلف والفرقة قال:(وعليكم بالجماعة)، وقال:(فعليكم بالجماعة)، وقال:(إن يد الله مع الجماعة)، فالجماعة وصف شرعي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهكذا الوصف بمجمله أهل السنة والجماعة أو السنة والجماعة: منهج شرعي يمثل الإسلام بمصادره ومنهجه، وليس فرقة ولا طائفة.