هذه فلسفة، فالإنسان لا يقال: إنه مسيّر مطلقاً ولا مخيّر مطلقاً، بل هو مجبول ومحكوم بقضاء الله وقدره، فالقول بأنه مسيّر كأنه مجبور على الأفعال دون إرادته، والقول بأنه مخيّر كأن عنده إرادة مطلقة لا تتعلق بإرادة الله وخلقه، وكأن الله لا شأن له بفعل العبد وهذا كله خطأ، فالإنسان مسيّر في غير الأمور الإرادية فهو مسيّر فيها، كيف يرزق ومتى يموت وحياته اللاإرادية في حركة قلبه أو حركة دمه كل هذه مسيّر فيها، والأقدار الأربعة التي تكتب عند ولادته هذه مسيّر فيها، بمعنى أن الله عز وجل قدّر عليه أموراً أراحه منها، فالتسيير لا يعني الإهانة للإنسان، بل حفظ الله للإنسان بأن سيّر أموره لا إرادية تحت أمور كونية الله عز وجل يحفظه بها، ومخيّر من وجه آخر في أن يفعل أو يترك، لكن هذا التخيير مربوط بخلق الله وإرادته.
فالإنسان مسيّر من وجه ومخيّر من وجه آخر، ولا يقال: مسيّر فقط ولا مخيّر فقط، إذاً: هو مجبول ومفطور.