قال المؤلف حفظه الله تعالى:[سادساً: الآجال مكتوبة، والأرزاق مقسومة، والسعادة والشقاوة مكتوبتان على الناس قبل خلقهم].
الشرح: أي: أن كل إنسان عندما يبلغ مائة وعشرين يوماً كما جاء في الأحاديث الصحيحة يكتب عليه ذلك، مع أن الروح ورد فيها أنها تأتي على مراحل، وبعض الناس إذا قرأ بعض الأحاديث وجد هناك أحاديث تدل على وجود الروح قبل المائة وعشرين يوماً، ووجد العلم الحديث يثبت نوعاً من الحياة قبل المائة والعشرين يوماً، لكن الحياة الحقيقية والروح الكاملة للإنسان عند بلوغ مائة وعشرين يوماً، وأثناء نفخ الروح يرسل الله عز وجل ملكاً ينفخ في كل إنسان روحه ويقدّر آجاله الأربعة الرئيسة التي هي: رزقه، وعمله، وأجله، وشقاوته أو سعادته وهذه المقررات اللازمة الحتمية، لكنها محجبة، فهل تدري أنت ماذا سترزق غداً؟ لا تدري ولا يدري أحد، قد يحتمل، وأحياناً يحول بينك وبين تقديرك للرزق الموت نفسه، فينقطع رزقك بموتك.
إذاً: كل هذه الأمور الأربعة غيب خالص، وهي من القدر لله عز وجل، وهي آجال مكتوبة لكل إنسان، ثم إن الله عز وجل قد قدر السعادة والشقاوة وأنهما مكتوبتان على الناس قبل خلقهم بالحق والعدل، وأيضاً فإن الله عز وجل لم يساو بين الخلق؛ لأن المساواة ليست من مقتضى العدل؛ وهناك بعض الناس يظن أن المساواة هي مقتضى العدل، واليوم يرفع بعض الناس شعار المساواة، والمساواة ليست عدلاً، فالله عز وجل لا يساوي بين العامل والتارك، بين من يفعل الخير ومن يفعل الشر {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:٣٥]{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ}[السجدة:١٨] حتى في الرزق، هل يستوي من يبذل ويكدح بمن هو خامل ونائم؟ هل يستوي من يستحق الأجر ومن لا يستحقه؟ إذاً: المساواة ليست قاعدة في الشرع إلا بين المتساويات، فالمساواة بين المتساويات قدر شرعي وعدل، لكن المساواة بين غير المتساويات سواء بين الذكر والأنثى، أو بين العامل وغير العامل، أو بين النشط والكسلان، بين هذا وذاك هذه المساواة ليست من مطلوب العدل، وقدر الله قام على العدل.