للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَابِعًا: قال: «وفي سبيل إثبات بعض القواعد الفقهية طرقوا بابًا آخر غير الروايات الشفوية، وذلك بإظهار صحف مكتوبة تبين إرادة الرسول، وقد وجد هذا النوع تصديقًا في هذا العصر، وإذا ما دار الأمر حول نسخة من هذه الصحف فإنهم لا يسألون عن أصلها المنسوخة عنه، ولا يبحثون عن صحتها، ونستطيع أن نتبين جرأة الواضعين من هذا الخبر، ذلك أنه في عصر الأمويين حاول بعض الناس التوفيق بين عرب الشمال، وعرب الجنوب، وأظهروا حِلْفًا كان في عصر تُبَّعٍ بْنِ مَعْدِ يكَربْ بين اليمنية وربيعة، وقد وجدوا هذا محفوظا عند بعض أحفاد هذا الأمير الحميري، فهؤلاء الذين يقبلون مثل هذا لا يكون من الصعب عليهم أن يعترفوا بمثله، مما هو أقرب عهدًا، ونعني به مسألة " تعريف الصدقة " عن صغار البقر، وكبارها، فقد وردت في ذلك أحاديث مختلفة، ولكن لم يصح منها شيء ليأخذ منه جامعوا الحديث نصوصًا تحتوي على نظام للدفع مفصل، فرجع الناس إلى وصايا مكتوبة عن الزكاة، مما وصى به الرسول رسله إلى البلاد العربية، مثل وصيته إلى معاذ بن جبل، وكتابه إلى عمرو بن حزم (١) وغيرهما مما روى لنا محتوياتها رواة الحديث».

ولم يكتف الناس بهذه النسخ المنقولة عن أصول، بل أظهروا اَيْضًا بعض هذه الأصول القديمة، فهناك وثيقة كانت عند آل عمر، أمر عمر بن عبد العزيز بنقل نسخة منها، وقد روى أبو داود تصحيح الزهري لها، وهناك وثيقة أخرى بختم الرسول ذكرها أبو داود اَيْضًا، وقد أظهرها حماد بن أسامة عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، وكان أبو بكر قد وجهها لأنس بن مالك عندما ذهب ليجمع الصدقات " قال المؤلف: «هذا هو الرأي الذي ساد أوساط المستشرقين في القرن الماضي، وفيه ما يرى من بناء نظرية مفروضة متخيلة على أخبار تصيدوها من أشتات الكتب، وجعلوا مما خرج مخرج الجرح والتعديل الذي استعمله السلف مبالغة في تعريف الحديث - حقائق ثابتة وصورًا صحيحة».


(١) جعل مرجعه كتابًا لجولدتسيهر.

<<  <   >  >>