للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماء الأتقياء كانوا يضعون أحاديث ضد الأمويين، وأن الأمويين كانوا يقابلونهم بالمثل، ولو أنه في مزاعمه اقتصر على «باب الفضائل والمثالب» لهان الأمر بعض الشيء ولكنه صور للقارئ هذه الصورة الخيالية في جميع شؤون الدين.

ثَانِيًا: ما استند إليه من أنه لا توجد مسألة خلافية دينية أو اعتقادية إلا ولها اعتماد على جملة من الأحاديث ذات الإسناد القوي فردنا عليه:

أننا نمنع أن تكون كل مسائل الخلاف اعتمد فيها أصحابها على أحاديث قوية من الجهتين فكثير من المسائل الخلافية اعتمد فيها أصحابها على أحاديث لا تنهض للاحتجاج بها.

كما أن مجرد الاختلاف والاستناد إلى أحاديث قوية لا ينبغي أن يفسر بالوضع والاختلاف، فللاختلاف في المسائل الفقهية أسباب معقولة، ومحامل صحيحة أفاض في ذكرها العلماء (١).

١ - فمنها أن يكون الاختلاف من قبيل حكاية الفعل فيما هو من قبيل التوسعة على العباد، فحكى صحابي أنه فعل فعلاً، وحكى آخر أنه فعل غيره، فمثل هذا ليس في الحقيقة تناقضًا لأن الفعلين قد يكونان مباحين جائزين، أو أحدهما مُبَاحًا والآخر مُسْتَحَبًّا، أو مستحبين، أو واجبين يكون في أحدهما كفاية عن الآخر، ومثل ذلك الوتر بإحدى عشرة ركعة، أو بتسع، أو بسبع، أو بخمس، أو بثلاث، أو بواحدة، والثلاث أهي بجلوس واحد وتشهد واحد، أم هي بجلوسين وَتَشَهُّدَيْنِ، ونحو ذلك، فكل ذلك فعله النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سبيل الاختيار والتوسعة على الأمة، وبكل منها وردت الأحاديث الصحيحة فمن روى أنه أوتر بواحدة فهو صادق، ومن روى أنه أوتر بثلاث فهو صادق وهكذا.

٢ - ومنها أن يكون صحابي سمع حُكْمًا من النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قصة، ولم يسمعه


(١) انظر: " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية، و " حجة الله البالغة ": ج ١ ص ١١٠ وما بعدها للدهلوي.

<<  <   >  >>