للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢] ما ذكره عن زياد بن عبد الله البكائي قد خانه فيه التحقيق، أو علم الحق ولكنه دلس وكذب على العلماء، وزياد ليس بكذاب، ولا متهم بالكذب.

قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: «لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، حَدِيثُهُ حَدِيثَ أَهْلِ الصِّدْقِ». وقال فيه الإمام أبو داود صاحب " السنن " نقلا عن ابن معين: «زيَادٌ البَكَّائِيُّ فِي ابْنِ إِسْحَاقَ، ثِقَةٌ، وَكَانَ يُضََعِّفُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ أَثْبَتُ مَنْ رَوَى المَغَازِي عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ» وعبارة وكيع التي نقلها الطاعن رواها الترمذي في " كتاب النكاح " عن البخاري بسنده عن وكيع قال: «زِيَادُ مَعَ شَرَفِهِ يَكْذِبُ فِي الحَدِيثِ» ولكن الذي في " تاريخ البخاري " يخالف هذا، فقد روى بسنده عن وكيع قال: «زِيَادُ مَعَ شَرَفِهِ لاَ يَكْذِبُ فِي الحَدِيثِ» وإذا اختلف كلام الناقل والمنقول عنه فالعبرة بالمنقول عنه، ودقة البخاري في النقل مستغنية عن التنبيه، ولا سيما إذا كان هناك ما يرجح كما هنا، فزياد لم يتهم بكذب قط، كما أن الحاكم أبا أحمد ساقه في " الكنى " بإسناده إلى وكيع كما نقله البخاري، والظاهر أن رواية الترمذي سقطت منها «لاَ» (١).

وأيضا فقد روى له البخاري في - كتاب الجهاد - متابعة، وليس له في " صحيح البخاري "غيره وأخرج له الإمام مسلم في مواضع من كتابه " الصحيح " فلو كان كذابا أو متهما بالكذب لما أخرج له البخاري في المتابعات، ولما أخرج له مسلم في الأصول، وبحسب زياد توثيقًا له تخريج الشيخين له، وكفى بهما مزكيين وموثقين، على أنه إن وجد في الرواة كذابون فقد وجد أضعاف أضعافهم من الرواة الثقات العدول الضابطين.

[٣] ما حكاه عن يزيد بن هارون أن أهل الحديث بالكوفة في عصره ما عدا واحدا كانوا مدلسين حتى السفيانان ذكرا بين المدلسين فكلام يسوقه أهل الجرح


(١) " تهذيب التهذيب ": جـ ٣ ص ٣٧٥ - ٣٧٧، و " تقريب التهذيب ": جـ ١ ص ٢٣٨ [قال أبو حذيفة شرف الدين حجازي - كان الله له -: «وفي " علل الترمذي الكبير " (٢/ ٩٧٤) قال محمد - يعني ابن إسماعيل البخاري: " زياد بن عبد الله البكائي صدوق».
قلت: وهذا مما يؤيد ما ذهب إليه الشيخ أبو شهبة من أن «لاَ» سقطت من طبعة " السنن " للترمذي والله أعلم].

<<  <   >  >>